كتاب رياض الصالحين الجزء الرابع




212- باب فضل قيام الليل
قال اللَّه تعالى:  { ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } .
وقال تعالى :  { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } الآية.
وقال تعالى:  { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون } .
1160- وَعَن عائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْها ، قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتى تَتَفطَّر قَدَمَاه ، فَقُلْتُ لَهُ : لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رسُول اللَّهِ وَقد غُفِرَ لَكَ ما تَقَدَّم مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : « أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا » .
       متفقٌ عليه . وعَنِ المغيرةِ بنِ شعبةَ نحوهُ ، متفقٌ عليه .
1161- وَعَنْ عليٍّ رَضِيَ اللَّه عنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم طَرقَهُ وَفاطِمَةَ لَيْلاً ، فَقَالَ : « أَلا تُصلِّيَانِ ؟ » متفقٌ عليه .
  « طرقَةُ » : أَتَاهُ ليْلا .
1162- وعَن سالمِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضِي اللَّه عَنْهُم ، عَن أَبِيِه : أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « نِعْمَ الرَّجلُ عبدُ اللَّهِ لَو كانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ » قالَ سالِمٌ : فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بعْدَ ذلكَ لا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً . متفقٌ عليه .
1163- وَعن عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ رضَيَ اللَّه عَنْهُمَا قالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « يَا عَبْدَ اللَّهِ لا تكن مِثْلَ فُلانٍ : كانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ » متفقٌ عليه .
1164- وعن ابن مَسْعُودٍ رضيَ اللَّه عنْهُ ، قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتى أَصبحَ ، قالَ : « ذاكَ رَجُلٌ بال الشَّيْطَانُ في أُذنَيْهِ ­ أَو قال : في أُذنِه ­ » ، متفقٌ عليه .
1165- وعن أَبي هُريرَةَ ، رَضِي اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلى قافِيةِ رَأْسِ أَحَدِكُم ، إِذا هُوَ نَامَ ، ثَلاثَ عُقدٍ ، يَضرِب عَلى كلِّ عُقدَةٍ : عَلَيْكَ ليْلٌ طَويلٌ فَارقُدْ ، فإِنْ اسْتَيْقظَ ، فَذَكَرَ اللَّه تَعَالَى انحلَّت عُقْدَةٌ ، فإِنْ توضَّأَ انحَلَّت عُقدَةٌ ، فَإِن صلَّى انحَلَّت عُقدُهُ كُلُّهَا ، فأَصبَحَ نشِيطاً طَيِّب النَّفسِ ، وَإِلاَّ أَصبح خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ » متفقٌ عليه .
 قافِيَةُ الرَّأْسِ : آخِرُهُ .
1166- وَعن عبدِ اللَّهِ بنِ سَلاَمٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصَلُّوا باللَّيْل وَالنَّاسُ نِيامٌ ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ » .
 رواهُ الترمذيُّ وقالَ : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1167- وَعنْ أَبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قالَ : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «أَفْضَلُ الصيَّامِ بعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ المُحَرَّمُ ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بعدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْل» رواه مُسلِمٌ .
1168- وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ، أَن النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذا خِفْتَ الصُّبْح فَأَوْتِرْ بِواحِدَةِ » متفقٌ عليه .
1169- وَعَنْهُ قَالَ :كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُصلِّي منَ اللَّيْل مَثْنَى مَثْنَى ، وَيُوترُ بِرَكعة .متفقٌ عليه .
1170- وعنْ أَنَسٍ رضِي اللَّه عَنْهُ ، قالَ : كَانَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُفطِرُ منَ الشَّهْرِ حتَّى نَظُنَّ أَنْ لا يصوم مِنهُ ، ويصَومُ حتَّى نَظُن أَن لا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئاً ، وَكانَ لا تَشَاءُ أَنْ تَراهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّياً إِلا رَأَيْتَهُ ، وَلا نَائماً إِلا رَأَيْتَهُ . رواهُ البخاريُّ .
1171- وعَنْ عائِشة رضي اللَّه عنْهَا ، أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَان يُصلِّي إِحْدَى عَشرَةَ رَكْعَةً ­ تَعْني في اللَّيْلِ ­ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذلكَ قَدْر مَا يقْرَأُ أَحدُكُمْ خَمْسِين آية قَبْلَ أَن يرْفَعَ رَأْسهُ ، ويَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْل صَلاةِ الفَجْرِ ، ثُمَّ يضْطَجِعُ على شِقِّهِ الأَيمْنِ حَتَّى يأْتِيَهُ المُنَادِي للصلاةِ ، رواه البخاري .
1172- وَعنْهَا قَالَتْ : ما كان رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَزِيدُ ­ في رمضانَ وَلا في غَيْرِهِ ­ عَلى إِحْدى عشرةَ رَكْعَةً : يُصلِّي أَرْبعاً فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطولهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبعاً فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطولهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثاً . فَقُلْتُ : يا رسُولَ اللَّهِ أَتنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوترَ ،؟ فقال: « يا عائشةُ إِنَّ عيْنَيَّ تَنامانِ وَلا يَنامُ قلبي » متفقٌ عليه .
1173- وعنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ يَنَامُ أَوَّل اللَّيْل ، ويقومُ آخِرهُ فَيُصلي . متفقٌ عليه.
1174- وعَن ابنِ مَسْعُودٍ رضِي اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : صلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لَيُلَةً ، فَلَمْ يَزلْ قائماً حتى هَمَمْتُ بِأَمْرٍ سُوءٍ . قَيل : ما هَممْت ؟ قال : هَممْتُ أَنْ أَجْلِس وَأَدعهُ . متفقٌ عليه .
 1175- وعَنْ حُذيفَهَ رَضِيَ اللَّه عنْهُ ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، ذاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَح البقَرَةَ ، فقلتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ المِئَةِ ، ثُمَّ مضى ، فقلتُ : يُصَلَّي بها في ركْعَةٍ ، فمَضَى ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ بها ، ثُمَّ افْتَتَح النِّسَاءَ فَقَرأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ آل عِمْرَانَ ، فَقَرَأَها ، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً إِذا مَرَّ بِآيَةِ فِيها تَسْبيحٌ سَبَّحَ ، وَإِذا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ ، وإذا مَرَّ بتَعوَّذ تَعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ ، فجعَل يَقُولُ : سُبْحَانَ ربِّي العظيمِ ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْواً مِنْ قِيَامِهِ ، ثُمَّ قال : سمِع اللَّه لمَنْ حَمِدَه ، رَبَّنَا لك الحْمدُ ، ثُمَّ قامَ طَويلاً قَرِيباً مِمَّا ركع ، ثُمَّ سَجد فَقَالَ : سُبْحانَ رَبِّيَ الأَعْلى فَكَانَ سَجُودُهُ قَرِيباً مِنْ قِيَامِهِ . رواه مسلم .
1176- وَعَنْ جابرٍ رضِي اللَّه عنْهُ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : أَيُّ الصَّلاةِ أَفْضَلُ ؟ قال : « طُولُ القُنُوتِ » . رواه مسلم .
 المرادُ بِالقنُوتِ : القِيَامُ .
1177- وَعَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرو بنِ العَاصِ ، رَضيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: « أَحَبُّ الصَّلاةِ إلى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ ، وَأَحبُّ الصيامِ إلى اللَّهِ صِيامُ دَاوُدَ ، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل وَيَقُومُ ثُلُثَهُ ويَنَامُ سُدُسَهُ وَيصومُ يَوماً وَيُفطِرُ يَوماً » متفقٌ عليه .
1178- وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّه عنْهُ قَالَ : سمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « إِنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعةً ، لا يُوافقُهَا رَجـُلٌ مُسلِمٌ يسأَلُ اللَّه تعالى خيراً من أمرِ الدُّنيا وَالآخِرِةَ إِلاَّ أَعْطاهُ إِيَّاهُ ، وَذلكَ كلَّ لَيْلَةٍ » رواه مسلم .
1179- وَعَنْ أَبي هُريرَةَ رَضِي اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : إِذا قَامَ أَحَدُكُمِ مِنَ اللَّيْلِ فَليَفتَتحِ الصَّلاةَ بِركعَتَيْن خَفيفتيْنِ » رواهُ مسلِم .
1180- وَعَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّه عَنْها ، قالت : كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا قام مِن اللَّيْلِ افتَتَحَ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْن خَفيفَتَيْنِ ، رواه مسلم .
1181- وعَنْها ، رضِي اللَّه عنْهَا ، قالَتْ : كان رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا فاتتْهُ الصَّلاةُ من اللَّيل مِنْ وجعٍ أَوْ غيرِهِ ، صَلَّى مِنَ النَّهارِ ثِنَتي عشَرة ركْعَة . رواه مسلِم .
1182-وعنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي اللَّه عنْهُ ،قَال:قَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:«مَنْ نَام عن حِزْبِهِ ، أو عَنْ شْيءٍ مِنهُ ، فَقَرأهُ فِيما بينَ صَلاِةَ الفَجْرِ وصَلاةِ الظُّهْرِ ، كُتِب لهُ كأَنَّما قَرَأَهُ منَ اللَّيْلِ»رواه مسلم .
1183- وعَنْ أَبي هُريرة رَضِيَ اللَّه عنْهُ ، قال : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « رحِمَ اللَّه رَجُلا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ ، فصلىَّ وأيْقَظَ امرأَتهُ ، فإنْ أَبَتْ نَضحَ في وجْهِهَا الماءَ ، رَحِمَ اللَّهُ امَرَأَةً قَامت مِن اللَّيْلِ فَصلَّتْ ، وأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فإِن أَبي نَضَحَتْ في وجْهِهِ الماءَ » رواهُ أبو داود. بإِسنادِ صحيحٍ .
1184- وَعنْهُ وَعنْ أَبي سَعيدٍ رَضِي اللَّه عنهمَا ، قَالا : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إذا أَيقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْل فَصَلَّيا أَوْ صَلَّى ركْعَتَينِ جَمِيعاً ، كُتِبَ في الذَّاكرِينَ وَالذَّكِراتِ » رواه أبو داود بإِسناد صحيحٍ .
1185- وعــن عائِشة رضِيَ اللَّه عَنْها ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « إِذا نَعَس أَحَدُكُمْ في الصَّلاةِ ، فَلْيَرْقُدْ حتى يَذهَب عَنْهُ النَّومُ ، فَإِنَّ أَحدكُمْ إذا صَلى وهو ناعِسٌ ، لَعَلَّهُ يَذهَبُ يَستَغفِرُ فَيَسُبَّ نَفسهُ » متفقٌ عليهِ .
1186- وَعَنْ أَبي هُرَيرَةَ رَضِي اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا قَامَ أَحدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَاستعجمَ القُرآنُ على لِسَانِهِ ، فَلَم يَدْرِ ما يقُولُ ، فَلْيضْطَجِعْ » رواه مُسلِمٌ .
213- باب استحباب قيام رمضان وهو التروايح
1187- عنْ أَبي هُريرةَ رَضِي اللَّه عنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « منْ قام رَمَضَانَ إِيماناً واحْتِساباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » متفقٌ عليه .
1188- وَعنْهُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قَال : كانَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيه بعزيمةٍ ، فيقُولُ : « مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيماناً واحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ » رواه مُسْلِمٌ .
214- باب فضل قيام ليلة القدْر وبَيان أرجى ليالها
قال اللَّه تعالى:  { إنا أنزلناه في ليلة القدر }  إلى آخر السورة.
وقال تعالى:  { إنا أنزلناه في ليلة مباركة }  الآيات.
1189- وَعَنْ أَبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « مَنْ قام لَيْلَةَ القَدْرِ إِيماناً واحْتِسَاباً ، غُفِر لَهُ ما تقدَّم مِنْ ذنْبِهِ » متفقٌ عليه .
1190- وعن ابنِ عُمر رضِيَ اللَّه عَنهما أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، أُرُوا ليْلَةَ القَدْرِ في المنَامِ في السَّبْعِ الأَواخِرِ ، فَقال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَرى رُؤيَاكُمْ قَدْ تَواطَأَتْ في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ ، فَمَنْ كَانَ مُتحَرِّيهَا ، فَلْيَتَحرَّهَآ في السبْعِ الأَواخِرِ » متُفقٌ عليهِ .
1191- وعنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عنْهَا ، قَالَتْ : كانَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُجاوِزُ في العَشْـرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رمضَانَ ، ويَقُول : « تحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضانَ» متفقٌ عليه .
1192- وَعَنْها رَضِيَ اللَّه عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « تَحرّوْا لَيْلةَ القَدْرِ في الوتْـرِ من العَشْرِ الأَواخِرِ منْ رمَضَانَ » رواهُ البخاريُّ .
1193- وعَنْهَا رَضَيَ اللَّه عَنْهَا ، قَالَتْ : كَانَ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رمَضَانَ ، أَحْيا اللَّيْلَ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَه ، وجَدَّ وَشَدَّ المِئزرَ » متفقٌ عليه .
1194- وَعَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَجْتَهِدُ فِي رَمضانَ مَالا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ ، وفي العَشْرِ الأَوَاخِرِ منْه ، مَالا يَجْتَهدُ في غَيْرِهِ » رواهُ مسلمٌ .
1195- وَعَنْهَا قَالَتْ : قُلْتُ : يا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِن عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ ما أَقُولُ فيها ؟ قَالَ : « قُولي : اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العفْوَ فاعْفُ عنِّي » رواهُ التِرْمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .

215- باب فضل السِّواك وخصال الفطرة
1196- عَنْ أَبي هُريرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلى أُمَّتي ­ أَوْ عَلى الناس ­ لأمرْتُهُمْ بِالسِّواكِ معَ كلِّ صلاةٍ » متفقٌ عليه .
1197- وَعنْ حُذيفَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا قَامَ مِنَ النَّومِ يَشُوصُ فَاهُ بالسِّواكِ . متفقٌ عليه .
«الشَّوْص » : الدَّلكُ »
1198- وَعَنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : كنَّا نُعِدُّ لرسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثُهُ اللَّه مَا شَاءَ أَن يبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ ، فَيتسَوَّكُ ، وَيَتَوَضَّأُ ويُصَلِّي » رواهُ مُسلمٌ .
1199- وعنْ أَنسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَكثَرْتُ عَليكُمْ في السِّوَاكِ » رواهُ البُخاريُّ .
1200- وعَنْ شُرَيحِ بنِ هانِيءٍ قَالَ : قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عنْهَا : بأَيِّ شيءٍ كَان يَبْدَأُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا دَخَلَ بَيْتَهُ ، قَالَتْ : بِالسِّوَاكِ ، روَاهُ مُسْلِمٌ .
1201- وَعَنْ أَبي موسَى الأشعَرِيِّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قَاَل: دَخَلت عَلى النَّبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وطرَفُ السوَاكِ على لِسانِهِ . مُتَّفَقٌ عليهِ ، وهذا لَفْظُ مُسلِمٍ .
1202- وعنْ عائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْها ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « السِّواكُ مَطهَرةٌ للفَمِ مرْضَاةٌ للرَّبِّ » رواهُ النَّسائيُّ ، وابنُ خُزَيمةَ في صحيحهِ بأَسانيد صحيحةٍ .
  وذكـر البخاريُّ رحمه اللَّه في صحيحهِ هذا الحديث تعليقا بصيغةِ الجزمِ فقال : وقالت عائشةُ رضي اللَّهُ عنها .
1203- وعَنْ أَبي هُريرةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « الفِطرةُ خَمسٌ ، أَوْ خمْسٌ مِنَ الفِطرةِ : الخِتان ، وَالاسْتِحْدَادُ ، وَتقلِيمُ الأَظفَارِ ، ونَتف الإِبِطِ ، وقَصُّ الشَّارِبِ » مُتفقٌ عليه .
       الاسْتِحْدَادُ : حلْقُ العَانَةِ ، وهُو حَلقُ الشعْرِ الذي حَوْلَ الفرْجِ .
1204- وعَنْ عائِشة رضيَ اللَّه عنْهَا قَالَتْ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « عَشرٌ مِنَ الفِطرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ ، وإِعفَاءُ اللِّحْيَةِ ، وَالسِّوَاكُ ، واسْتِنشَاقُ الماءِ ، وقَصُّ الأَظفَارِ ، وغَسلُ البَرَاجِمِ ، وَنَتفُ الإِبطِ ، وَحلقُ العانَة ، وانتِقاصُ المَاءِ » قال الرَّاوي : ونسِيتُ العاشِرة إِلاَّ أَن تَكون المَضمضَةُ ، قالَ وَكيعٌ ­ وَهُوَ أَحَدُ روَاتِهِ ­ : انتِقَاصُ الماءِ ، يَعني: الاسْتِنْجاءَ . رَواهُ مُسلِمٌ .
       « البَراجِمُ » بالباءِ الموحدةِ والجيم ، وهي : « عُقَدُ الأَصَابِعِ » . « وَإِعْفَاءُ اللَّحْيَةِ » مَعْنَاهُ: لا يقُص مِنْهَا شَيئاً .
1205- وَعَن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ، عن النَّبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « أَحْفُوا الشَّوارِبَ وأَعْفُوا اللِّحَى » مُتفقُ عليهِ .

216- باب تأكيد وجُوب الزكاة وبَيان فضلها وما يتعلق بها
قال اللَّه تعالى:  { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } .
وقال تعالى: { وما أمروا إلا ليعبدوا اللَّه مخلصين له الدين حنفاء، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة؛ وذلك دين القيمة } .
وقال تعالى:  { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } .
1206- وَعنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما ، أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : بُنِيَ الإِسْلامُ عَلى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه ، وأَنَّ مُحمَّداً عَبْدُهُ ورسُولهُ ، وإِقامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وحَجِّ البَيْتِ ، وَصَوْمِ رمضَان » متفقٌ عليه .
1207- وعن طَلْحَةَ بنِ عُبيْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّه عنْهُ ، قالَ : جَاءَ رجُلٌ إِلى رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ، ثَائِرُ الرَّأْسِ نَسَمْعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ ، ولا نَفْقَهُ ما يقُولُ ، حَتى دَنَا مِنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فإِذا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « خَمْسُ صَلَواتٍ في اليوْمِ واللَّيْلَةِ » قالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ ؟ قَالَ : « لا ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ » فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « وصِيَامُ شَهْرِ رَمضَانَ » قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غيْرُهْ ؟ قَالَ : « لا ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ » قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، الزَّكَاةَ فَقَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ : « لا ، إلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ » فَأَدْبَر الرَّجُلُ وهُوَ يَقُولُ : واللَّهِ لا أَزيدُ عَلى هذا وَلا أَنْقُصُ مِنْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ » مُتفقٌ عليهِ .
1208- وعن ابن عبَّاس رَضيَ اللَّه عَنهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، بعَثَ مُعَاذاً رضيَ اللَّه عَنْهُ إِلى اليَمنِ فَقَالَ : « ادْعُهُمْ إِلى شهادَةِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وَأَنِّي رسُولُ اللَّهِ ، فإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلكَ ، فَأَعْلِمْهُم أَنَّ اللَّهَ تَعَالى افترض عَليهِمْ خَمسَ صَلواتٍ في كُلِّ يَوْمِ وليلةٍ ، فَإِن هُمْ أَطاعُوا لِذلكَ فَأَعْلمْهُمْ أَنَّ اللَّه افترض عَليهِمْ صَدقَةً تُؤخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ ، وَتُردُّ عَلى فُقَرائهِم» متفقٌ عليه .
1209- وعَن ابن عُمَر رَضِيَ اللَّه عنْهَما ، قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حتى يشهدوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِْسلامِ وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ » مُتفقٌ عليه .
1210- وَعَنْ أَبي هُريرةَ رَضِي اللَّه عَنْهُ ، قالَ : لمَّا تُوُفي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَكانَ أَبُو بَكْر ، رَضِي اللَّه عَنْهُ ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العربِ ، فَقَالَ عُمرُ رَضيَ اللَّه عَنْهُ : كيفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقدْ قَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أُمِرتُ أَنْ أُقاتِل النَّاسَ حتَّى يَقُولُوا لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه فَمَنْ قَالهَا ، فقَدْ عَصَمَ مِني مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّه ، وَحِسَابُهُ عَلى اللَّهِ ؟ » فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : واللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ ، فإِن الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ . واللَّهِ لَو مَنعُوني عِقَالاً كانَوا يُؤَدونَهُ إِلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، لَقَاتَلْتُهُمْ على منعِهِ ، قَالَ عُمرُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : فَوَاللَّهِ مَا هُو إِلاَّ أَن رَأَيْتُ اللَّه قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ للقِتَالِ ، فَعَرفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ . مُتفقٌ عليه .
1211- وعن أَبي أَيوبَ رضِي اللَّه عنْه ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ للنَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : أَخْبِرْني بِعَملٍ يُدْخِلُني الجَّنَةَ ، قَالَ :« تَعْبُدُ اللَّه وَلاَ تُشْرِكُ بِه شَيْئاً ، وتُقِيمُ الصَّلاةَ ، وتُؤْتي الزَّكاةَ ، وتَصِلُ الرَّحِمَ » متفقٌ عليه .
1212- وَعنْ أَبي هُرَيرَة رضِي اللَّه عنهُ ، أَنَّ أَعرابِيًّا أَتى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَال : يا رَسُول اللَّهِ دُلَّني على عمَل إِذا عمِلْتُهُ ، دخَلْتُ الجنَّةَ . قَالَ : « تَعْبُدُ اللَّه ولا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكاَة المَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ » قَالَ : وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لا أَزيدُ عَلى هذا . فَلَمَّا وَلَّى ، قالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلى هذا » مُتفقٌ عليه .
1213- وَعَنْ جَريرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رَضيَ اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : بَايعْت النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلى إِقامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتاءِ الزَّكاةِ ، والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلمٍ . مُتفقٌ عليه .
1214-­ وَعَنْ أَبي هُريرةَ رضيَ اللَّه عنْهُ قَالَ : قَالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَا مِنْ صاحِبِ ذهَبٍ ، وَلا فِضَّةٍ ، لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إذا كَانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفائِحُ مِنْ نَارِ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا في نار جَهَنَّمَ ، فَيُكْوَى بهَا جنبُهُ ، وجبِينُهُ ، وظَهْرُهُ ، كُلَّما برَدتْ أُعيدتْ لَهُ في يوْمٍ كَانَ مِقْدَارُه خمْسِينَ أَلْف سنَةٍ ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ فَيُرَى سبِيلُهُ ، إِمَّا إِلى الجنَّةِ وإِما إِلى النَّارِ » .
قيل : يا رسُولَ اللَّهِ فالإِبِلُ ؟ قالَ : ولا صاحبِ إِبِلٍ لا يؤَدِّي مِنهَا حقَّهَا ، ومِنْ حقِّهَا ، حَلْبُهَا يومَ وِرْدِها ، إِلا إذا كان يوم القيامَة بُطِحَ لها بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أَوْفر ما كانتْ ، لا يَفقِدُ مِنْهَا فَصِيلاً واحِداً ، تَطؤُهُ بأَخْفَافِها ، وتَعَضُّهُ بِأَفْواهِها ، كُلَّما مَرَّ عليْهِ أَولاها ، ردَّ عليْهِ أُخْراها، في يومٍ كانَ مِقْداره خَمْسِينَ أَلْفَ سَنةٍ ، حتَّى يُقْضَي بَيْنَ العِبَاد ، فَيُرَى سبِيلُه ، إِمَّا إِلى الجنَّةِ وإِمَّا إِلى النارِ » .
قِيل : يَا رسول اللَّهِ فَالْبقرُ وَالغَنَمُ ؟ قالَ : ولا صاحِبِ بقرٍ ولا غَنمٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حقَّهَا إِلاَّ إِذا كان يَوْمُ القيامَةِ ، بُطِحَ لهَا بقَاعٍ قَرقَرٍ ، لا يفْقِد مِنْهَا شَيْئاً لَيْس فِيها عَقْصاءُ ، وَلا جَلْحاءُ ، وَلا عَضباءُ ، تَنْطحه بِقُرُونهَا ، وَتَطَؤُهُ بِأَظْلافِهَا ، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاها ، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْراها ، في يومٍ كانَ مِقدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْف سنَةٍ حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ ، فيُرَى سبِيلُهُ إِمَّا إِلى الجَنَّةِ وإِمَّا إِلى النَّارِ » .
قِيلَ : يا رسُول اللَّهِ فالخيْلُ ؟ قال : « الخَيْلُ ثلاثَةٌ : هِي لِرَجُلٍ وِزرٌ ، وهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وهِي لرجُلٍ أَجْرٌ ، فأَمَّا التي هي لهُ وزر فَرَجُلٌ ربطَها رِياءً وفَخْراً ونِواءً عَلى أَهْلِ الإِسْلامِ ، فهي لَهُ وِزرٌ ، وأَمَّا التي هِيَ لَهُ سِتْرٌ ، فَرَجُل ربَطَهَا في سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ لم ينْسَ حقَّ اللَّهِ في ظُهُورِها ، ولا رِقابها ، فَهِي لَهُ سِتْرٌ ، وأَمَّا التي هِيَ لَهُ أَجْرٌ ، فرجُلٌ ربطَهَا في سبِيلِ اللَّهِ لأَهْل الإِسْلامِ في مَرْجٍ ، أَو رَوضَةٍ ، فَمَا أَكَلَت مِن ذلك المَرْجِ أَو الرَّوضَةِ مِن شَيءٍ إِلاَّ كُتِب لَهُ عدد ما أَكَلَت حســـنَاتٌ ، وكُتِب لَه عدد أَرْوَاثِهَا وأَبْوَالِهَا حَسنَاتٌ ، وَلا تَقْطَعُ طِوَلَهَا فاستَنَّت شَرَفاً أَو شَرفَيْنِ إِلاَّ كَتَب اللَّهُ لَهُ عددَ آثَارِهَا ، وأَرْوَاثهَا حَسنَاتٍ ، ولا مرَّ بها صاحِبُهَا عَلى نَهْرٍ فَشَرِبَت مِنْهُ ، وَلا يُريدُ أَنْ يَسْقِيَهَا إِلاَّ كَتَبَ اللَّه لَهُ عدَدَ ما شَرِبَت حَسنَاتٍ » .
قِيلَ : يا رسولَ اللَّهِ فالحُمُرُ ؟ قالَ : « ما أُنْزِل علَيَّ في الحُمُرِ شَيءٌ إِلاَّ هذِهِ الآيةُ الْفَاذَّةُ الجَامِعَةُ : { فمن يعْملْ مِثقَال ذرَّةٍ خَيْراً يرهُ ،ومَن يعْملْ مثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يرهُ } » .
       مُتَّفَقٌ عليهِ . وهذا لفظُ مُسْلمٍ .
    ومعْنَى القاعِ : المكان المستوى من الأرضِ الواسع . والقرقر : الأملس .
217- باب وجوب صوم رمضان
وبَيان فضل الصّيام وما يتعلق به
قال اللَّه تعالى:  { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم }  إلى قوله تعالى:  { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر }  الآية. وأما الأحاديث فقد تقدمت في الباب الذي قبله.
1215- وَعنْ أَبي هُريرة رضِي اللَّه عنْهُ ، قال : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « قال اللَّه عَزَّ وجلَّ : كُلُّ عملِ ابْنِ آدم لهُ إِلاَّ الصِّيام ، فَإِنَّهُ لي وأَنَا أَجْزِي بِهِ . والصِّيام جُنَّةٌ فَإِذا كَانَ يوْمُ صوْمِ أَحدِكُمْ فلا يرْفُثْ ولا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سابَّهُ أَحدٌ أَوْ قاتَلَهُ ، فَلْيقُلْ : إِنِّي صَائمٌ . والَّذِي نَفْس محَمَّدٍ بِيدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائمِ أَطْيبُ عِنْد اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ .
للصَّائمِ فَرْحَتَانِ يفْرحُهُما : إِذا أَفْطرَ فَرِحَ بفِطْرِهِ ، وإذَا لَقي ربَّهُ فرِح بِصوْمِهِ » متفقٌ عليه.
وهذا لفظ روايةِ الْبُخَارِي . وفي رواية له : « يتْرُكُ طَعامَهُ ، وَشَرابَهُ ، وشَهْوتَهُ ، مِنْ أَجْلي ، الصِّيامُ لي وأَنا أَجْزِي بِهِ ، والحسنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا » .
 وفي رواية لمسلم : « كُلُّ عَملِ ابنِ آدَمَ يُضَاعفُ  الحسَنَةُ بِعشْر أَمْثَالِهَا إِلى سَبْعِمِائة ضِعْفٍ . قال اللَّه تعالى : « إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وأَنا أَجْزي بِهِ : يدعُ شَهْوتَهُ وَطَعامَهُ مِنْ أَجْلي . لِلصَّائم فَرْحتَانِ :فرحة عند فطره ، فَرْحةٌ عِنْدَ لقَاء رَبِّهِ . ولَخُلُوفُ فيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ ريحِ المِسْكِ» .
1216- وعنهُ أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَين في سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْواب الجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ هذا خَيْرٌ ، فَمَنْ كَان مِنْ أَهْلِ الصَلاةِ دُعِي منْ باب الصَّلاةِ ، ومَنْ كانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِي مِنْ باب الجِهَادِ ، ومَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الصِّيامِ دُعِيَ مِنْ باب الرَّيَّانِ ومنْ كَانَ مِنْ أَهْل الصَّدقَة دُعِي مِنْ باب الصَّدقَةِ » قال أبو بكرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : بأَبي أَنت وأُمِّي يا رسولَ اللَّه ما عَلى مَنْ دُعِي مِنْ تِلكَ الأَبْوابِ مِنْ ضَرُورةٍ ، فهلْ يُدْعى أَحدٌ مِنْ تلك الأَبْوابِ كلِّها ؟ قال : « نَعَم وَأَرْجُو أَنْ تكُونَ مِنهم » متفقٌ عليه .
1217- وعن سهلِ بنِ سعدٍ رضي اللَّه عنهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ فِي الجَنَّة باباً يُقَالُ لَهُ : الرَّيَّانُ ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ ، لا يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم ، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ ؟ فَيقومونَ لا يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غيرهم ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ» متفقٌ عليه .
1218- وعَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللَّه عنهُ قال : قالَ رسولُ اللَّهِ : « مَا مِنْ عبْدٍ يصُومُ يَوماً في سبِيلِ اللَّه إِلاَّ باعَدَ اللَّه بِذلك اليَومِ وجهَهُ عَن النَّارِ سبعينَ خرِيفاً » متفقٌ عليه .
1219- وعنْ أَبي هُرَيرةَ رضيَ اللَّه عنهُ ، عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً واحْتِساباً ، غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذنْبِهِ » متفقٌ عليه .
1220- وعنهُ رضيَ اللَّهُ عنهُ ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « إِذا جَاءَ رَمَضَانُ ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجنَّةِ ، وغُلِّقَت أَبْوَابُ النَّارِ ، وصُفِّدتِ الشياطِينُ » متفقٌ عليه .
1221-­ وعنهُ أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ ، فإِن غمي عَليكم ، فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبانَ ثَلاثينَ » متفقٌ عليه . وهذا لفظ البخاري .
      وفي روايةِ مسلم : « فَإِن غُمَّ عَليكم فَصُوموا ثَلاثِينَ يَوْماً » .
218- باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير
في شهر رمضان والزيادة من ذلك في العشر الأواخر منه
1222- وعن ابنِ عباسٍ ، رضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، قالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ »متفقٌ عليه .
1223- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : « كَانَ رَسُولُ اللهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، إِذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَى اللَّيْلَ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ، وَشَدَّ المِئْزَرَ » متفقٌ عليه .

219- باب النَّهْي عن تقدّم رمضانَ بصوم بعد نصف شعبان
إلاَّ لمن وصله بما قبله ، أو وافق عادةً له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس فوافقه
1224- عن أَبي هُريرة رضيَ اللَّه عَنْهُ ، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لا يتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكمْ رَمَضَانَ بِصَومِ يومٍ أَوْ يومَيْنِ ، إِلاَّ أَن يَكونَ رَجُلٌ كَانَ يصُومُ صَوْمَهُ ، فَلْيَصُمْ ذلكَ اليوْمَ» متفقٌ عليه .
1225- وعن ابنِ عباسٍ ، رضيَ اللَّه عنهما ، قال : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ ، صُومُوا لِرُؤْيتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ، فَإِنْ حالَتْ دُونَهُ غَيَايةٌ فأَكْمِلوا ثَلاثِينَ يوماً » رواه الترمذي وقال : حديث حسنٌ صحيحٌ .
       « الغَيايَة » بالغين المعجمة وبالياءِ المثناةِ من تحت المكررةِ ، وهِي : السَّحَابةُ .
1226- وعنْ أَبي هُريْرَةَ رضِيَ اللَّه عَنْهُ قال : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبانَ فَلا تَصُومُوا » رواه الترمذي وقال : حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ .
1227- وَعَنْ أَبي اليَقظَان عمارِ بنِ يَاسِرٍ رضيَ اللَّه عنْهما ، قال : « مَنْ صَامَ اليَومَ الَّذِي يُشكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبا القَاسِمِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم » رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديثٌ حسن صحيحٌ .

220- باب ما يُقَالُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الهِلالِ

1228- عَنْ طَلْحَةَ بنِ عُبْيدِ اللَّهِ رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ إِذا رَأَى الهِلالَ قَالَ: « اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ ، وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّه ، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ » رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ .
221- باب فَضْلِ السُّحورِ وتأخيرِهِ
ما لم يَخْشَ طُلُوع الفَجْرِ
1229- عنْ أَنسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قال : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « تَسَحَّرُوا فَإِنَّ في السُّحُورِ بَركَةً » متفقٌ عليه .
1230- وعن زيدِ بن ثابتٍ رَضيَ اللَّه عَنْهُ قال : تَسحَّرْنَا مَعَ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، ثُمَّ قُمْنَا إِلى الصَّلاةِ . قِيلَ : كَمْ كانَ بَيْنَهُمَا ؟ قال : قَدْرُ خَمْسونَ آيةً . متفقٌ عليه .
1231- وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللَّه عَنْهُمَا ، قالَ : كانَ لرسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مُؤَذِّنَانِ : بلالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ . فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّ بلالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ » قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلاَّ أَنْ يَنْزِلَ هذا وَيَرْقَى هذا ، متفقٌ عليه .
1232- وعَنْ عمْرو بنِ العاصِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « فَضْلُ ما بيْنَ صِيَامِنَا وَصِيامِ أَهْل الكتاب أَكْلَةُ السَّحَرِ » . رواه مسلم .
222- باب فَضْل تَعْجِيل الفِطْرِ
وما يُفْطَرُ عَليهِ وما يَقُولُهُ بَعْدَ الإِفْطَارِ
1233- عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « لا يَزالُ النَّاسُ بخَيْرٍ مَا عَجلوا الفِطْرَ » متفقٌ عليه .
1234- وعن أَبي عَطِيَّةَ قَالَ : دخَلتُ أَنَا ومسْرُوقٌ على عائشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فقَالَ لهَا مَسْرُوقٌ : رَجُلانِ منْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كلاَهُمَا لا يَأْلُو عَنِ الخَيْرِ : أَحَدُهُمَا يُعَجِّلُ المغْربَ والإِفْطَارَ ، والآخَرُ يُؤَخِّرُ المغْرِبَ والإِفْطَارَ ؟ فَقَالَتْ : مَنْ يُعَجِّلُ المَغْربَ وَالإِفْطَارَ ؟ قالَ : عَبْدُ اللَّه ­ يعني ابنَ مَسْعودٍ ­ فَقَالَتْ : هكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، يصْنَعُ . رواه مسلم.
قوله : « لا يَأْلُوا » أَيْ لا يُقَصِّرُ في الخَيْرِ .
1235- وَعَنْ أَبي هُريرَةَ رَضِيَ اللَّه عنْهُ قالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: { أَحَبُّ عِبَادِي إِليَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْراً } رواه الترمذي وقالَ : حَديثٌ حسنٌ .
1236- وَعنْ عُمر بنِ الخَطَّابِ رَضِي اللَّه عَنْهُ ، قالَ : قال رَسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ ههُنَا وأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ ههُنا ، وغَرَبتِ الشَّمسُ ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصائمُ » متفقٌ عليه .
1237- وَعَنْ أَبي إِبراهيمَ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبي أَوْفى رَضِي اللَّه عنْهُمَا ، قالَ : سِرْنَا مَعَ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَهُوَ صائمٌ ، فَلَمَّا غَرَبتِ الشَّمسُ ، قالَ لِبْعضِ الْقَوْمِ : « يَا فُلانُ انْزلْ فَاجْدحْ لَنا ، فَقَال : يا رَسُول اللَّهِ لَوْ أَمْسَيتَ ؟ قالَ : « انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا » قالَ : إِنَّ علَيْكَ نَهَاراً ، قال : « انْزلْ فَاجْدَحْ لَنَا » قَالَ : فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، ثُمَّ قالَ: « إِذا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ ههُنَا ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَائمُ » وأَشارَ بِيَدِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ . متفقٌ عليه .
قوله : « اجْدَحْ » بجيم ثُمَّ دال ثم حاء مهملتين ، أَي : اخْلِطِ السَّوِيقَ بالماءِ .
1238- وَعَنْ سَلْمَانَ بنِ عَامر الضَّبِّيِّ الصَّحَابيِّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: «إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيُفْطِرْ عَلى تَمْرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجدْ ، فَلْيُفْطِرْ على مَاءٍ فَإِنَّه طَهُورٌ » .
 روَاهُ أَبو دَاودَ ، والترمذي وقالَ : حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ .
1239- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قالَ : كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلى رُطَبَاتٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيرْاتٌ ، فإِنْ لمْ تَكُنْ تُميرْاتٌ حَسَا حَسَواتٍ مِنْ ماءٍ رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ .
223- بابُ أمرِ الصَّائمِ بحِفْظِ لسانِهِ وَجَوَارِحِهِ
عَنِ المُخَالفَاتِ والمُشَاتَمَةِ وَنَحْوهَا
1240- عنْ أَبي هُرَيرَةَ رضيَ اللَّه عنهُ قالَ : قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحدِكُمْ ، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ، أَوْ قاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي صائمٌ» متفقٌ عليه .
1241- وعنهُ قال : قال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ لَمْ يَدعْ قَوْلَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ فلَيْسَ للَّهِ حَاجةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرَابهُ » رواه البخاري .
224- باب في مَسائل من الصوم
1242- عَنْ أَبي هُريرةَ رَضيَ اللَّه عَنْهُ ، عَن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « إِذا نَسِيَ أَحَدُكُم ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ ، فَلْيتِمَّ صَوْمَهُ ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّه وَسَقَاهُ » متفقٌ عليه .
1243- وعن لَقِيطِ بنِ صَبِرةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قالَ : قلتُ : يا رسول اللَّه أَخْبِرْني عَنِ الْوُضوءِ ؟ قال : « أَسْبِغِ الْوضُوءَ ، وَخَلِّلْ بَيْن الأَصَابِعِ ، وَبَالَغْ في الاسْتِنْشَاقِ ، إِلاَّ أَنْ تكُونَ صَائماً » رواه أبو داود  ، والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1244- وعنْ عائشةَ رضي اللَّه عَنْها ، قالَتْ : كانَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ ويَصُومُ . متفقٌ عليه .
1245- وعنْ عائشةَ وأُمِّ سَلَمَةَ ، رَضيَ اللَّه عنْهُما ، قَالَتَا : كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُصْبِح جُنُباً مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ ، ثُمَّ يصُومُ » متفقٌ عليهِ .
225- باب بيان فضل صوم المُحَرَّم وشعبان والأشهر الحُرمُ
1246- عَنْ أَبي هُريرَةَ رضيَ اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَفْضَلُ الصِّيَامِ بعْدَ رَمضَانَ : شَهْرُ اللَّهِ المحرَّمُ ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْد الفَرِيضَةِ : صَلاةُ اللَّيْلِ » رواه مسلمٌ.
1247- وعَنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا ، قالَتْ : لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَصُوم مِنْ شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ ، فَإِنَّه كانَ يَصُوم شَعْبَانَ كلَّه .
 وفي رواية : كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً . متفقٌ عليه .
1248- وعن مجِيبَةَ البَاهِلِيَّةِ عَنْ أَبِيهَا أَوْ عمِّها ، أَنَّهُ أَتى رَسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، ثُمَّ انطَلَقَ فَأَتَاهُ بعدَ سَنَة ، وَقَد تَغَيَّرتْ حَالهُ وَهَيْئَتُه ، فَقَالَ : يا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تعْرِفُنِي ؟ قَالَ : «وَمَنْ أَنتَ ؟ » قَالَ : أَنَا البَاهِلِيُّ الذي جِئتك عامَ الأَوَّلِ . قَالَ : « فَمَا غَيَّرَكَ ، وقَدْ كُنتَ حَسَنَ الهَيئةِ ؟ » قَالَ : ما أَكلتُ طعاماً منذ فَارقْتُكَ إِلاَّ بلَيْلٍ . فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « عَذّبْتَ نَفسَكَ ، » ثُمَّ قَالَ : « صُمْ شَهرَ الصَّبرِ ، ويوماً مِنْ كلِّ شَهر » قال : زِدْنـي ، فإِنَّ بي قوَّةً، قَالَ : « صُمْ يَوميْنِ » قال : زِدْني ، قال : « صُمْ ثلاثَةَ أَيَّامٍ » قالَ : زِدْني . قال : صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ ، صُمْ مِنَ الحرُم وَاترُكْ ،  صُمْ مِنَ الحرُمِ وَاتْرُكُ » وقالَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلاثِ فَضَمَّهَا ، ثُمَّ أَرْسَلَهَا . رواه أبو داود .
و « شهرُ الصَّبرِ » : رَمضانُ .
226- باب فضل الصوم وغيره في العشر الأوَّل من ذي الحجة
1249- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللَّه عَنْهُمَا ، قالَ : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما مِنْ أَيامٍ العَمَلُ الصَّالحُ فِيها أَحَبُّ إِلى اللَّهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّامِ » يعني : أَيامَ العشرِ ، قالوا : يا رسول اللَّهِ وَلا الجهادُ في سبِيلِ اللَّهِ ؟ قالَ : « ولا الجهادُ في سبِيلِ اللَّهِ ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرجَ بِنَفْسِهِ، وَمَالِهِ فَلَم يَرجِعْ منْ ذلك بِشَيءٍ » رواه البخاريُّ .
227- باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء
1250- عنْ أَبي قتَادةَ رضِي اللَّه عَنْهُ ، قالَ : سئِل رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : عَنْ صَوْمِ يوْمِ عَرَفَةَ ؟ قال : « يكفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيةَ وَالبَاقِيَةَ » رواه مسلمٌ .
1251- وعنْ ابنِ عباسٍ رضيَ اللَّه عنهما ، أَنَّ رَسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم صَامَ يوْمَ عاشوراءَ ، وأَمَرَ بِصِيَامِهِ . متفقٌ عليه .
1252- وعنْ أَبي قَتَادةَ رضيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عاشُوراءِ ، فَقَال : « يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ » رواه مُسْلِمٌ .
1253- وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عنْهُمَا ، قَالَ : قالَ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لَئِنْ بَقِيتُ إِلى قَابِلٍ لأصُومَنَّ التَّاسِعَ »  رواهُ مُسْلِمٌ .
228- باب استحباب صوم ستة من أيام من شوال
1254- عَنْ أَبي أَيوبِ رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ » رواهُ مُسْلِمٌ .
229- باب استحباب صوم الاثنين والخميس
1255- عن أَبي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّه عنْهُ ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ فقالَ : « ذلكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ ، أَوْ أُنزِلَ عليَّ فِيهِ » رواه مسلمٌ .
1256- وعَنْ أَبي هُريْرَةَ رَضِيَ اللَّه عنه ، عَنْ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يوْمَ الاثَنيْن والخَميسِ ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَملي وَأَنَا صَائمٌ » رَواهُ التِرْمِذِيُّ وقالَ : حديثٌ حَسَنٌ ، ورواهُ مُسلمٌ بغيرِ ذِكرِ الصَّوْم .
1257- وَعَنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا ، قَالَتْ : كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَتَحَرَّى صَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ . رواه الترمذيُّ وقالَ : حديثٌ حسنٌ .
230- باب استحباب صَوم ثلاثة أيام من كل شهر
الأفضل صومها في أيام البيض. وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. وقيل: الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر، والصحيح المشهور هو الأول.
1258- وعن أَبي هُريرةَ رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قال : أَوْصَاني خلِيلي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، بثَلاثٍ : صيَامِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِن كلِّ شَهرٍ ، وَرَكعَتَي الضُحى ، وأَن أُوتِر قَبْلَ أَنْ أَنامَ . متفقٌ عليه .
1259- وعَنْ أَبي الدَرْدَاءِ رَضِيَ اللَّه عنهُ ، قالَ : أَوْصَانِي حَبِيبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِثلاث لَنْ أَدَعهُنَّ ما عِشْتُ : بصِيامِ ثَلاثَة أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْر ، وَصَلاةِ الضحَى ، وَبِأَنْ لا أَنَام حَتى أُوتِر . رواهُ مسلمٌ .
1260- وَعَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضي اللَّه عنهُما ، قالَ : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « صوْمُ ثلاثَةِ أَيَّامٍ منْ كلِّ شَهرٍ صوْمُ الدهْرِ كُلِّهُ » . متفقٌ عليه .
1261- وعنْ مُعاذةَ العَدَوِيَّةِ أَنَّها سَأَلَتْ عائشةَ رضيَ اللَّه عَنْهَا : أَكانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يصومُ مِن كُلِّ شَهرٍ ثلاثةَ أَيَّامٍ ؟ قَالَت : نَعَمْ . فَقُلْتُ : منْ أَيِّ الشَّهْر كَانَ يَصُومُ ؟ قَالَتْ : لَمْ يَكُن يُبَالي مِنْ أَيِّ الشَّهْرِ يَصُومُ . رواهُ مسلمٌ .
1262- وعنْ أَبي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّه عنهُ ، قَالَ : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثاً ، فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ ، وَأَرْبعَ عَشْرَةَ ، وخَمْسَ عَشْرَةَ » رواه الترمِذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ .
1263- وعنْ قتادَةَ بن مِلحَانَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قال : كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يأْمُرُنَا بِصِيَامِ أَيَّامِ البيضِ : ثَلاثَ عشْرَةَ ، وأَرْبَعَ عَشْرَةَ ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ . رواهُ أَبُو داودَ .
1264- وعنْ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ، قال : كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لا يُفْطِرُ أَيَّامَ البِيضِ في حَضَرٍ وَلا سَفَرٍ . رواهُ النسَائي بإِسنادٍ حَسنٍ .
231- باب فضل مَنْ فَطَّر صَائماً
وفضل الصائم الذي يؤكل عنده ، ودعاء الأكل للمأكول عنده
1265- عنْ زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رَضيَ اللَّه عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « مَنْ فَطَّرَ صَائماً، كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أجْر الصَّائمِ شيءٍ » .
 رواه الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1266- وعَنْ أُمِّ عمَارَةَ الأَنْصارِيَّةِ رَضِيَ اللَّه عَنْها ، أَنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم دخَلَ عَلَيْها ، فقدَّمَتْ إِلَيْهِ طَعَاماً ، فَقالَ : « كُلِي » فَقالَت : إِنِّي صائمةٌ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّ الصَّائمَ تُصلِّي عَلَيْهِ المَلائِكَةُ إِذا أُكِلَ عِنْدَهُ حتَّى يَفْرَغُوا » وَرُبَّما قال : « حَتَّى يَشْبَعُوا » رواهُ الترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ .
1267- وعَنْ أَنسٍ رَضيَ اللَّه عنهُ ، أَنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم جَاءَ إِلى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضي اللَّه عنهُ ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ ، فَأَكَلَ ، ثُمَّ قالَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَفْطَرَ عِندكُمْ الصَّائمونَ ، وأَكَلَ طَعَامَكُمْ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلائِكَةُ » .
  رواهُ أبو داود بإِسنادٍ صحيحٍ .

كتاب الاعتكاف
232- باب فضل الاعتكاف
1268- عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهُما ، قالَ : كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَعتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ . متفقٌ عليه .
1269- وعنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّه عنْها ، أَنَّ النَّبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضانَ ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّه تعالى ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزواجُهُ مِنْ بعْدِهِ . متفقٌ عليه .
1270- وعَنْ أبي هُريرةَ ، رضي اللَّه عنهُ ، قالَ : كانَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانَ عَشَرةَ أيَّامٍ ، فَلَمًا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبًضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشرِينَ يَوْماً . رواه البخاريُّ.

كتاب الحج
233- باب وجوب الحج وفضله
قال اللَّه تعالى:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، ومن كفر فإن اللَّه غني عن العالمين}.
1271- وَعَنِ ابن عُمرَ ، رضي اللَّه عَنْهُمَا ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَال : بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهادَةِ أَنْ لا إله إلا اللَّه وأَنَّ مُحَمَّداً رسولُ اللَّهِ ، وإقَامِ الصَّلاةِ وإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وحَجِّ البيْتِ ، وصَوْمِ رَمَضَانَ » متفقٌ عليهِ .
1272- وعنْ أبي هُرَيْرةَ ، رضي اللَّه عنهُ ، قالَ : خَطَبَنَا رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَقَالَ : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّه قَدْ فَرضَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ فحُجُّوا » فقَالَ رجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يا رسولَ اللَّهِ ؟ فَسَكتَ ، حَتَّى قَالَها ثَلاثاً . فَقَال رَسُولُ اللِّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوجَبت وَلمَا اسـْتَطَعْتُمْ » ثُمَّ قال : « ذَرُوني ما تركْتُكُمْ ، فَإنَّمَا هَلَكَ منْ كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ سُؤَالهِمْ ، وَاخْتِلافِهِم عَلى أَنْبِيائِهمْ ، فإذا أَمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأْتوا مِنْهُ مَا استطَعْتُم ، وَإذا نَهَيتُكُم عَن شَيءٍ فَدعُوهُ » . رواهُ مسلمٌ .
1273- وَعنْهُ قال : سُئِلَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : أَيُّ العَمَلِ أَفضَلُ ؟ قال : « إيمانٌ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ» قيل : ثُمَّ ماذَا ؟ قال : « الجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ » قيل : ثمَّ ماذَا ؟ قَال : « حَجٌ مَبرُورٌ » متفقٌ عليهِ .
 المَبرُورُ هُوَ الَّذِي لا يَرْتَكِبُ صَاحِبُهُ فِيهِ معْصِية .
1274- وَعَنْهُ قالَ : سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقولُ : « منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ ، وَلَم يفْسُقْ ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ » . متفقٌ عليه .
1275- وعَنْهُ أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قالَ : « العُمْرَة إلى العُمْرِة كَفَّارةٌ لما بيْنهُما ، والحجُّ المَبرُورُ لَيس لهُ جزَاءٌ إلاَّ الجَنَّةَ » . متفقٌ عليهِ .
1276- وَعَنْ عَائِشَةَ ، رضي الله عَنْهَا ، قَالَتْ : قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّه ، نَرى الجِهَادَ أَفضَلَ العملِ ، أفَلا نُجاهِدُ ؟ فَقَالَ : « لكِنْ أَفضَلُ الجِهَادِ : حَجٌّ مبرُورٌ » رواهُ البخاريُّ .
1277- وَعَنْهَا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : « ما مِنْ يَوْمٍ أَكثَرَ مِنْ أنْ يعْتِقَ اللَّه فِيهِ عبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ » . رواهُ مسلمٌ .
1278- وعنِ ابنِ عباسٍ ، رضي اللَّه عنهُما ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « عُمرَةٌ في رمَضَانَ تَعدِلُ عَمْرَةً أَوْ حَجَّةً مَعِي » متفقٌ عليهِ .
1279- وَعَنْهُ أنَّ امرَأَةً قالَتْ : يا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ فَريضَةَ اللَّهِ على عِبَادِهِ في الحجِّ ، أَدْرَكتْ أبي شَيخاً كَبِيراً ، لا يَثبُتُ عَلى الرَّاحِلَةِ أَفَأْحُجُّ عَنهُ ؟ قال : « نعم » . متفقٌ عليهِ.
1280- وعن لقًيطِ بنِ عامرٍ ، رضي اللَّه عنهُ ، أَنَّهُ أَتى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَقَال : إنَّ أبي شَيخٌ كَبيرٌ لا يستَطِيعٌ الحجَّ ، وَلا العُمرَةَ ، وَلا الظَعَنَ ، قال : « حُجَّ عَنْ أَبِيكَ واعْتمِرْ».
رواهُ أَبو داودَ ، والترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ صحيح .
1281- وعَنِ السائبِ بنِ يزيدَ ، رضي اللَّه عنهُ ، قال : حُجَّ بي مَعَ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، في حَجةِ الوَداعِ ، وأَنَا ابنُ سَبعِ سِنِينَ . رواه البخاريُّ .
1282- وَعنِ ابنِ عبَّاسٍ ، رضي اللَّه عَنْهُمَا ، أَنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، لَقِيَ رَكْباً بِالرَّوْحَاءِ ، فَقَالَ : « منِ القَوْمُ ؟ » قَالُوا : المسلِمُونَ . قَالُوا : منْ أَنتَ ؟ قَالَ : « رسولُ اللَّهِ » فَرَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِياً فَقَالتْ ألهَذا حجٌّ ؟ قَالَ : « نَعَمْ ولكِ أَجرٌ » رواهُ مُسلمٌ .
1283- وَعَنْ أ نسٍ ، رضي اللَّه عنهُ ، أنَّ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حَجَّ على رَحْلٍ ، وَكَانتْ زامِلتَهُ . رواه البخاريُّ .
1284- وَعَنِ ابنِ عبَّاسٍ ، رضي اللَّه عَنْهُمَا ، قَالَ : كَانَت عُكاظُ وَمِجَنَّةُ ، وَذو المجَازِ أَسْواقاً في الجَاهِلِيَّةِ ، فَتَأَثَّمُوا أن يَتَّجرُوا في الموَاسِمِ ، فَنَزَلتْ : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أن تَبْتَغُوا فَضلاً مِن رَبِّكُم } [البقرة : 198 ]في مَوَاسِم الحَجِّ . رواهُ البخاريُّ.

كتاب الاعتكاف
234- باب فضل الجهاد
قال اللَّه تعالى:  { وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة، واعلموا أن اللَّه مع المتقين } .
وقال تعالى:  { كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون } .
وقال تعالى:  { انفروا خفافاً وثقالاً، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل اللَّه } .
وقال تعالى:  { إن اللَّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل اللَّه فيَقتلون ويُقتلون، وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن؛ ومن أوفى بعهده من اللَّه، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم } .
وقال تعالى:  { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل اللَّه بأموالهم وأنفسهم، فضل اللَّه المجاهدين على القاعدين درجة، وكلاً وعد اللَّه الحسنى، وفضل اللَّه المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً: درجات منه ومغفرة ورحمة؛ وكان اللَّه غفوراً رحيماً } .
وقال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم؟ تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون في سبيل اللَّه بأموالكم وأنفسكم ؛ ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون: يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة في جنات عدن؛ ذلك الفوز العظيم، وأخرى تحبونها: نصر من اللَّه وفتح قريب، وبشر المؤمنين }  والآيات في الباب كثيرة مشهورة.
وأما الأحاديث في فضل الجهاد فأكثر من أن تحصر، فمن ذلك:
1285- عَنْ أبي هُريرةَ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قال : سئِلَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : أَيُّ الأعمالِ أفْضَلُ ؟ قالَ : « إيمانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ » قيل : ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : « الجهادُ في سبِيلِ اللَّهِ » قِيل : ثُمَّ ماذا ؟ قال : « حَجٌّ مَبُرُورٌ » متفقٌ عليهِ .
 1286- وعَنِ ابنِ مَسْعُودٍ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : قُلْتُ يا رَسُول اللَّهِ ، أيُّ العَمَل أَحَبُّ إلى اللَّهِ تَعَالى ؟ قالَ : « الصَّلاةُ عَلى وَقْتِهَا » قُلْتُ : ثُمَّ أَي ؟ قَالَ : « بِرُّ الوَالدَيْنِ» قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ « الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ » . متفقٌ عليهِ .
1287- وَعنْ أبي ذَرٍّ ، رضي اللَّه عنهُ ، قَالَ : قُلْتُ : يا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ العملِ أَفْضَلُ؟ قَالَ : « الإيمَانُ بِاللَّهِ ، وَالجِهَادُ في سبِيلِهِ » . مُتفقٌ عليهِ .
 1288- وعنْ أَنَسٍ ، رضي اللَّه عنهُ ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « لَغَدْوَةٌ في سبِيلِ اللَّهِ ، أوْ رَوْحَةٌ ، خَيْرٌ مِن الدُّنْيَا وَمَا فِيها » . متفقٌ عليهِ .
 1289- وَعَنْ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ ، رضي اللَّه عنهُ قال : أَتى رَجُلٌ رسُول  اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَقَالَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضلُ ؟ قَال : « مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ ومالِهِ في سبِيلِ اللَّهِ » قال : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : « مُؤْمِنٌ في شِعْبٍ مِنَ الشِّعابِ يعْبُدُ اللَّه ، ويَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ . متفقٌ عليهِ.
1290- وعنْ سهل بنِ سعْدٍ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : « رِباطٌ يَوْمٍ في سَبيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وما عَلَيْها ، ومَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجنَّةِ خَيْرٌ من الدُّنْيا وما عَلَيْها ، والرَّوْحةُ يرُوحُها العبْدُ في سَبيلِ اللَّهِ تَعالى ، أوِ الغَدْوَةُ ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْياَ وَما عَليْهَا » . متفقٌ عليه .
 1291- وعَنْ سَلْمَانَ ، رضي اللَّه عَنهُ ، قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ : «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيرٌ مِنْ صِيامِ شَهْرٍ و قِيامِهِ ، وَإنْ ماتَ فيهِ أجري عليه عمَلُهُ الَّذي كان يَعْمَلُ ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزقُهُ ، وأمِنَ الفَتَّانَ » رواهُ مسلمٌ .
1292- وعَنْ فضَالةَ بن عُبيد ، رَضيَ اللَّه عنْهُ ، أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ على عَملِهِ إلاَّ المُرابِطَ في سَبيلِ اللَّهِ ، فَإنَّهُ يُنَمَّى لهُ عَمَلُهُ إلى يوْمِ القِيامَةِ ، ويُؤمَّنُ فِتْنةِ القَبرِ » . رواه أبو داودَ والترمذيُّ وقَالَ : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
  1293- وَعنْ عُثْمَانَ ، رضي اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : «رباطُ يَوْمٍ في سبيلِ اللَّه خَيْرٌ مِنْ ألْفِ يَوْمٍ فيما سواهُ مِنَ المَنازلِ » . رواهُ الترمذيُّ وقالَ : حديثٌ حسن صَحيحٌ .
1294- وَعَنْ أبي هُرَيرَة ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قَال : قَالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « تَضَمَّنَ اللَّه لِمنْ خَرَجَ في سَبيلِهِ ، لا يُخْرجُهُ إلاَّ جِهَادٌ في سَبيلي ، وإيمانٌ بي وَتَصْدِيقٌ برُسُلي فَهُوَ ضَامِنٌ أنْ أدْخِلَهُ الجَنَّةَ ، أوْ أرْجِعَهُ إلى مَنْزِلِهِ الذي خَرَجَ مِنْهُ بما نَالَ مِنْ أجْرٍ ، أوْ غَنِيمَة ، وَالَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ ما مِنْ كَلْمٍ يُكلَم في سبيلِ اللَّهِ إلاَّ جاءَ يوْم القِيامةِ كَهَيْئَتِهِ يوْم كُلِم، لَوْنُهُ لَوْن دَم ، ورِيحُهُ ريحُ مِسْكٍ ، والَّذي نَفْسُ مُحمَّدٍ بِيدِهِ لَوْلا أنْ أَشُقَّ على المُسْلِمينَ ما قعَدْتُ خِلاف سرِيَّةٍ تَغْزُو في سَببيلِ اللَّه أبَداً ، ولكِنْ لا أجِدٌ سعَة فأَحْمِلَهمْ ولا يجدُونَ سعَةً ، ويشُقُّ علَيْهِمْ أن يَتَخَلفوا عنِّي ، وَالذي نفْسُ مُحَمَّد بِيدِهِ ، لَودِدْتُ أن أغزوَ في سبِيلِ اللَّهِ ، فَأُقْتَل ، ثُمَّ أغْزو ، فَأُقتل ، ثُمَّ أغزو ، فَأُقتل » رواهُ مُسلمٌ وروى البخاريُّ بعْضهُ .
         « الكَلْمُ » : الجرح .
 1295- وَعنْهُ قال : قَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما مِنْ مَكلوم يُكْلَمُ في سبيل اللَّه إلاَّ جاءَ يَوْمَ القِيامةِ ، وكَلْمُهُ يَدْمِي : اللوْنُ لونُ دمٍ والريحُ رِيحُ مِسْكٍ » . متفقٌ عليهِ .
 1296- وعَنْ مُعاذٍ رضي اللَّه عَنْهُ ، عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : « منْ قاتل في سَبيلِ اللَّهِ مِنْ رَجل مُسلِمٍ فُواقَ نَاقةٍ وجبتْ له الجَنَّةُ ، ومَنْ جُرِحَ جُرْحاً في سبيلِ اللَّه أوْ نكِب نَكبَةً، فَإنَّهَا تجيءُ يَوْمَ القِيامة كأغزَرِ ما كَانَتْ : لَوْنُهَا الزَّعْفَرانُ ، ورِيحُها كالمِسكِ» . رواهُ أبو داودَ ، والترمذيُّ وقال : حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ .
1297- وعنْ أبي هُريرةَ ، رضِي اللَّه عَنْهُ ، قال : مَرَّ رَجُلٌ مِنْ أصْحَاب رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، بشِعْب فيهِ عُيَيْنَةٌ مِن ماءٍ عَذْبةٍ ، فأَعجبتهُ ، فَقَالَ : لَو اعتزَلتُ النَّاسَ فَأَقَمْتُ في هذا الشِّعْبِ ، ولَنْ أفعلِ حَتى أسْتأْذنَ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فذكر ذلكَ لرسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَقَالَ : « لا تفعلْ ، فإنَّ مُقامَ أحدِكُمْ في سبيلِ اللَّهِ أفضَلُ مِنْ صلاتِهِ في بيتِهِ سبْعِينَ عاماً ، ألا تُحبُّونَ أنْ يَغْفِر اللَّه لَكُمْ ويُدْخِلكَمُ الجنَّةَ ؟ اغزُوا في سبيلِ اللَّهِ ، منْ قَاتَلَ في سَبيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَة وَجَبتْ له الجَنَّةُ » . رواهُ الترمذيُّ وَقالَ : حديثٌ حَسَنٌ .
والفُوَاقُ: مَا بَيْنَ الحَلْبتَيْنِ .
 1298- وعَنْهْ قَالَ قِيلَ : يا رسُولَ اللَّهِ ، ما يَعْدِلُ الجِهَادَ في سَبيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ : « لا تَسْتَطيعُونَه ، » فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول : « لا تستطيعون ، » . ثُمَّ قال : « مثَل المجاهد في سبيل اللَّهِ كمثَل الصَّائمِ القَائمِ القَانِتِ بآياتِ اللَّهِ لا يَفْتُرُ : مِنْ صلاةٍ ، ولا صيامٍ ، حتى يَرجِعَ المجاهدُ في سبيل اللَّهِ » متفقٌ عليهِ . وهذا لفظُ مسلِمٍ .
 وفي روايةِ البخاري ، أنَّ رجلا قَال : يا رسُولَ اللَّهِ دُلَّني عَلى عملٍ يَعْدِلُ الجهَادَ ؟ قال: « لا أجدهُ » ثُمَّ قال : « هل تَستَطِيعُ إذا خَرَجَ المُجاهِدُ أن تدخُلَ مَسجِدَك فتَقُومَ ولا تَفتُرَ ، وتَصُومَ ولا تُفطِرَ ؟ » فَقالَ : ومَنْ يستطِيعُ ذَلك ؟
1299- وعنْهُ أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَال : « مِنْ خَيرِ معاشِ الناس لَهُم رجُلٌ مُمسِكٌ بعنَانِ فرسِهِ في سبيل اللَّهِ ، يطِيرُ على متنِهِ كُلَّما سمِع هَيعةً ، أوْ فَزَعَة طَار على متنِهِ ، يَبْتَغِي القتل أو المَوتَ مظَانَّهُ ، أو رَجُلٌ في غُنَيْمةٍ أو شَعفَةٍ مِن هذه الشُّعفِ أو بطنِ وادٍ من هذِهِ الأودِيةِ يُقيمُ الصَّلاةَ ، ويُؤْتي الزَّكاةَ ، ويعْبُدُ ربَّهُ حتَّى يَأْتِيَه اليَقِينُ لَيْسَ من النَّاسِ إلاَّ في خَيْرٍ » رواهُ مسلمٌ .
 1300- وعَنْهُ ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قالَ : « إنَّ في الجنَّةِ مائَةَ درجةٍ أعدَّهَا اللَّه للمُجَاهِدينَ في سبيلِ اللَّه ما بيْن الدَّرجَتَينِ كما بيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ » . رواهُ البخاريُّ .
1301- وعَن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، أنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَال : « مَنْ رضي بِاللَّهِ رَبَّا ، وبالإسْلامِ ديناً ، وَبمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، وَجَبت لَهُ الجَنَّةُ » فَعَجب لهَا أبو سَعيدٍ، فَقَال أعِدْها عَلَيَّ يا رَسولَ اللَّهِ فَأَعادَهَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ قال : « وَأُخْرى يَرْفَعُ اللَّه بِها العَبْدَ مائَةَ درَجةً في الجَنَّةِ ، ما بيْن كُلِّ دَرَجَتَين كَما بَين السَّماءِ والأرْضِ » قال : وما هِي يا رسول اللَّه ؟ قال : « الجِهادُ في سبِيل اللَّه ، الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ » . رواهُ مُسلمٌ .
1302- وعَنْ أبي بَكْرِ بن أبي مُوسى الأشْعَرِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أبي ، رضي اللَّه عنْه، وَهُوَ بحَضْرَةِ العَدُوِّ ، يقول : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنَّ أبْوابَ الجَنَّةِ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ » فَقامَ رَجُلٌ رَثُّ الهَيْئَةِ فَقَالَ : يَا أبَا مُوسَى أَأَنْت سمِعْتَ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول هذا؟ قال : نَعم ، فَرجَع إلى أصحَابِهِ ، فَقَال : « أقرأ علَيْكُمُ السَّلامَ » ثُمَّ كَسَر جفْن  سَيفِهِ فألْقاه ، ثمَّ مَشَى بِسيْفِهِ إلى العدُوِّ فضَرب بِهِ حتَّى قُتل » . رواهُ مسلمٌ .
1303- وعن أبي عَبْسٍ عبدِ الرَّحمنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، رضي اللَّه عنهُ قال : قَال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما اغْبَرَّتْ قدَما عَبْدٍ في سبيلِ اللَّه فتَمسَّه النَّارُ » . رواهُ البخاري .
 1304- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ ، رضي اللَّه عنهُ ، قَالَ : قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يلجُ النًَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيةِ اللَّهِ حتَّى يعُودَ اللَّبَن في الضَّرعِ ، وَلاَ يَجْتَمِعُ عَلَى عَبْدٍ غُبَارٌ في سبيل اللَّهِ ودخَان جهَنَّم » ، رواه الترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1305- وعن ابن عبَّاسٍ ، رضي اللَّه عَنْهُمَا ، قَالَ : سمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ: «عيْنَانِ لا تَمسُّهُمَا النَّارُ : عيْنٌ بكَت مِنْ خَشْيةِ اللَّهِ ، وعيْنٌ باتَت تحْرُسُ في سبِيلِ اللَّهِ». رواه الترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ .
 1306- وعن زَيدِ بنِ خَالدٍ ، رضِي اللَّه عَنْه ، أنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَال : « من جهَّزَ غَازِياً في سبيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا ، ومنْ خَلَفَ غَازياً في أَهْلِهِ بخَيْر فَقَدْ غزَا » . متفقٌ عليهِ .
1307- وَعَنْ أبي أُمامة ، رضي اللَّه عنْهُ قَالَ : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أفْضَلُ الصَّدَقات ظِلُّ فُسْطَاطٍ في سبيل اللَّه ومَنِيحةُ خادمٍ في سبيل الله أو طَروقهُ فحلٍ في سبيل اللَّه» رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
 1308- وعنْ أنسٍ ، رضي اللَّه عنْه ، أنَّ فَتىً مِن أسْلَمَ قال : يا رسول اللَّهِ إنِّي أُريد الغَزْو ولَيْس معِى ما أتَجهَّزُ بِهِ ، قال : « ائتِ فُلاناً ، فَإنَّه قَد كانَ تَجهَّزَ فَمَرِضَ » فأتاه فَقَال: إنًَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُقْرِئَكَ السَّلامَ ويقولُ : أعطِني الذي تَجهَّزتَ بِهِ ، قَالَ : يا فُلانَةُ، أعْطِيهِ، الذي كُنْتُ تَجهَّزْتُ بِهِ ، ولا تَحْبِسين مِنْهُ شَيْئاً ، فوَاللَّهِ لا تَحْبِسي مِنْه شَيْئاً فَيُبارَكَ لَكِ فِيهِ . رواه مسلمٌ .
1309- وعن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ ، رضي اللَّهُ عنهُ ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بَعثَ إلى بَني لِحيانَ ، فَقَالَ : « لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رجُلَيْنِ أحدَهُما ، والأَجْرُ بينَهُما » رواهُ مسلمٌ .
 وفي روايةٍ لهُ : « لِيخْرُجْ مِنْ كُلِّ رجلين رجُلٌ » ثُمَّ قال لِلقاعِدِ : « أَيُّكُمْ خَلَفَ الخارج في أَهْلِهِ ومالِهِ بخَيْرٍ كان لهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجرِ الخارِجِ » .
 1310- وعنِ البراءِ ، رضي اللَّه عَنْـهُ ، قال : أتى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، رجلٌ مقنَّعٌ بِالحدِيدِ ، فَقال : يا رَسُول اللَّهِ أُقَاتِلُ أوْ أُسْلِمُ ؟ فقَال : « أسْلِمْ ، ثُمَّ قاتِلْ » فَأسْلَم ، ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ، فقَال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « عمِل قَلِيلاً وَأُجِر كَثيراً » . متفقٌ عليهِ ، وهذا لفظُ البخاري .
1311- وعَنْ أنَسٍ ، رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « ما أَحدٌ يدْخُلُ الجنَّة يُحِبُّ أنْ يرْجِعَ إلى الدُّنْيَا ولَه ما على الأرْضِ منْ شَيءٍ إلاَّ الشَّهيدُ ، يتمَنَّى أنْ يَرْجِع إلى الدُّنْيَا ، فَيُقْتَلَ عشْرَ مَرَّاتٍ ، لِما يرى مِنَ الكرامةِ » .
 وفي روايةٍ : « لِمَا يرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ » . مُتفقٌ عليهِ .
 1312- وعَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمرو بنِ العاص ، رضي اللَّه عنْهما ، أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « يغْفِرُ اللَّه للشَّهيدِ كُلَّ شَيْئٍ إلاَّ الدَّيْنَ » رواه مسلمٌ .
وفي روايةٍ له : « القَتْلُ في سَبِيلِ اللَّهِ يُكفِّرُ كُلَّ شَيءٍ إلاَّ الدَّيْن » .
 1313- وعَنْ أبي قتَادَةَ ، رضي اللَّه عَنْه ، أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَامَ فيهمْ فَذَكَرَ أنَّ الجِهادَ في سبِيلِ اللَّهِ ، وَالإيمانَ بِاللَّهِ ، أَفْضَلُ الأَعْمَال ، فَقَامَ رجُلٌ ، فَقَال : يا رَسُول اللَّهِ أَرأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ اللَّهِ أتُكَفَّرُ عنِّي خَطاياي ؟ فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « نعمْ إنْ قُتِلت في سبيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صابِرٌ ، مُحْتسِبٌ مُقبلٌ غيْرُ مُدْبِرٍ » ثُمَّ قَال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «كَيْفَ قُلْتَ ؟ » قال : أَرأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيل اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عنِّي خَطَايَايَ ؟ فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « نَعمْ وأَنْتَ صابِرٌ مُحْتَسِبٌ ، مُقْبلٌ غَيْرُ مُدْبرٍ ، إلاَّ الدَّيْنَ ، فَإنَّ جِبْرِيلَ عليه السلامُ قال لي ذلكَ » . رواهُ مسلمٌ .
1314- وعَنْ جابرٍ رضي اللَّه عَنْهُ ، قالَ : قالَ رَجُلٌ : أين أنَا يا رسُولَ اللَّهِ إنْ قُتِلتُ؟ قال : « في الجَنَّةِ » . فألقى تَمَرَاتٍ كُنَّ في يَدِهِ ، ثُمَّ قاتَلَ حتَّى قُتِلَ ، رواهُ مسلم .
  1315- وعنْ أنَسٍ رضي اللَّه عَنْهُ ، قالَ انْطَلقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا المشْركِينَ إلى بَدرٍ ، وَجَاءَ المُشرِكونَ ، فقالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يَقْدمنَّ أحَدٌ مِنْكُمْ إلى شيءٍ حَتَّى أكُونَ أنا دُونَهُ » فَدَنَا المُشرِكونَ ، فقَال رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمواتُ وَالأَرْضُ » قال : يَقولُ عُمَيْرُ بنُ الحُمَامِ الأنْصَارِيُّ رضي اللَّه عَنْهُ : يا رسولَ اللَّه جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمواتُ والأرضُ ؟ قالَ : « نَعم » قالَ : بَخٍ بَخٍ ، فقالًَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما يَحْمِلُكَ على قَولِكَ بَخٍ بخٍ ؟ » قالَ لا وَاللَّهِ يا رسُول اللَّه إلاَّ رَجاءَ أن أكُونَ مِنْ أهْلِها ، قال : « فَإنَّكَ مِنْ أهْلِهَا » فَأخْرج تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ ، فَجَعَل يَأْكُلُ منْهُنَّ، ثُمَّ قَال لَئِنْ أنَا حَييتُ حتى آكُل تَمَراتي هذِهِ إنَّهَا لحَيَاةٌ طَويلَةٌ ، فَرَمَى بمَا مَعَهُ مَنَ التَّمْرِ . ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ . رواهُ مسلمٌ .
« القرَنَ » بفتح القاف والراءِ : هو جُعْبَةُ النُشَّابِ .
 1316- وعنه قال : جاءَ ناسٌ إلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أنِ ابْعث معنَا رجالاً يُعَلِّمونَا القُرآنَ والسُّنَّةَ، فَبعثَ إلَيْهِم سبعِينَ رجلا مِنَ الأنْصارِ يُقَالُ لهُمُ : القُرَّاءُ ، فيهِم خَالي حرَامٌ ، يقرؤُون القُرآنَ ، ويتَدَارسُونَهُ باللَّيْلِ يتعلَّمُونَ ، وكانُوا بالنَّهار يجيئُونَ بالماءِ ، فَيَضعونهُ في المسجِدِ ، ويحْتَطِبُون فَيبيعُونه ، ويَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعام لأهلِ الصُّفَّةِ ولِلفُقراءِ ، فبعثَهم النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فعرضوا لهم فقتلُوهُم قبل أنْ يبلُغُوا المكانَ ، فقَالُوا : اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نَبيَّنَا أَنَّا قَد لَقِينَاكَ فَرضِينَا عنْكَ ورضيت عَنا ، وأَتى رجُلٌ حراماً خالَ أنس مِنْ خَلْفِهِ ، فَطعنَهُ بِرُمحٍ حتى أنْفَذهُ ، فَقَال حرامٌ : فُزْتُ وربِّ الكَعْبةِ ، فقال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنَّ إخْوانَكم قَد قُتِلُوا وإنهم قالُوا : اللَّهُمَّ بلِّغ عنَّا نبينا أَنَّا قَد لَقِيناكَ فَرضِينَا عنكَ ورضِيتَ عَنَّا » متفقٌ عليه، وهذا لفظ مسلم .
1317-وعنهُ قال : غَاب عَمِّي أنسُ بنُ النضْر رضي اللَّه عنْهُ عنِ قِتَالِ بدرٍ ، فقال : يا رسول اللَّه غِبتُ عن أوَّلِ قِتالٍ قاتَلتَ المُشرِكينَ ، لئِنِ اللَّه أشْهَدني قِتالَ المُشرِكِينَ ليَرينَّ اللَّه ما أَصنع . فلمَّا كانَ يومُ أحُدٍ انكشفَ المُسلِمُونَ ، فقال : اللَّهُمَّ إنِّي أَعتَذِرُ إلَيك مِمًَّا صنع هَؤُلاءِ ­ يعْني أصْحابهُ ­ ؤأَبْرأُ إليكَ مِمَّا صنع هَؤُلاءِ ­ يعني المُشركينَ ­ ثُمَّ تقدَّم فاستَقبلهُ سعدُ بنُ مُعاذٍ فقال : يا سعدُ بنَ مُعاذٍ الجنَّةُ وربِّ النَّضْرِ ، إنِّي أجِدُ رِيحَهَا مِن دونِ أُحدٍ ، قال سعدٌ : فما استَطعتُ يا رسول اللَّهِ مَا صنَع ، قال أنسٌ : فَوجدْنَا بِهِ بِضعاً وثَمانِينَ ضربةً بالسَّيفِ ، أوْ طَعنةَ برُمْحٍ أوْ رميةً بِسهمٍ ، ووجدناهُ قد قُتِلَ ومثَّلَ بِهِ المُشرِكونَ ، فَما عرفَهُ أحدٌ إلا أُختُهُ بِبنانِهِ . قال أنسٌ : كُنَّا نَرى ­ أوْ نَظُنُّ ­ أَنَّ هذِهِ الآيةَ نَزَلَتْ فِيهِ وفي أَشبَاهِهِ : {  مِنَ  المُؤْمِنينَ رِجَالٌ صدقُوا ما عَاهَدوا اللَّه عليْهِ فَمِنْهُمْ منْ قَضَى نَحْبَهُ }  إلى آخرهَا [ الأحزاب : 23 ] .
متفقٌ عليه ، وقد سبَقَ في باب المُجاهدة .
 1318- وعنْ سمُرةَ رضي اللَّه عَنهُ قالَ : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « رأَيْتُ اللَّيْلَةَ رجُلين أتَياني ، فَصعِدا بي الشَّجرةَ ، فَأدْخَلاني دَاراً هِي أحْسنُ وَأَفضَل ، لَمْ أَر قَطُّ أَحْسنَ منها، قالا : أَمَّا هذِهِ الدَّار فَدارُ الشهداءِ » رواه البخاري وهو بعضٌ من حديثٍ طويلٍ فيه أنواع العلم سيأتي في باب تحريمِ الكذبِ إنْ شاءَ اللَّه تعالى .
 1319- وعنْ أنسٍ رضي اللَّه عنْهُ أنَّ أُم الرَّبيعِ بنْتَ البَرَاءِ وهي أُمُّ حارثةَ بنِ سُرَاقةَ ، أتَتِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالَت : يا رَسُولَ اللَّهِ ألا تُحدِّثُني عَنْ حارِثَةَ ، وَكانَ قُتِل يوْمَ بدْرٍ ، فَإنْ كانَ في الجَنَّةِ صَبَرتُ ، وَإن كانَ غَيْر ذلكَ اجْتَهَدْتُ عليْهِ في البُكَاءِ ، فقال : « يا أُم حارِثَةَ إنَّهَا جِنانٌ في الجَنَّةِ ، وَإنَّ ابْنَكَ أَصاب الفرْدوْسَ الأَعْلى » . رواه البخاري .
 1320- وعَنْ جابر بن عبدِ اللَّهِ رضي اللَّه عنْهُما قال : جِيءَ بابي إلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قدْ مُثِّل بِهِ فَؤُضعَ بَيْنَ يَديْه ، فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عنْ وجهِهِ فَنَهاني قَوْمٌ فقال النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما زَالَتِ الملائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِها » . متفقٌ عليه .
 1321- وعَنْ سهل بن حُنَيْفٍ رضي اللَّه عنهُ أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « مَنْ سأَلَ اللَّه تعالى الشَّهَادةَ بِصِدْقٍ بلَّغهُ منَازِلَ الشُّهَداءِ وإنْ ماتَ على فِراشِهِ » . رواه مسلم .
1322- وعنْ أنسٍ رضي اللَّه عنْهُ قال : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ طلَب الشَّهَادةَ صادِقاً أُعطيها ولو لم تُصِبْهُ » . رواه مسلم .
 1323- وعَنْ أبي هُريْرةَ رضي اللَّهُ عنهُ قال : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما يَجِدُ الشَّهِيدُ مِن مَسِّ القتْلِ إلاَّ كما يجِدُ أحدُكُمْ مِنْ مسِّ القَرْصَةِ » رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
 1324- وعنْ عبْدِ اللَّهِ بن أبي أوْفَى رضي اللَّه عنْهُما أنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في بعضَ أيَّامِهِ التي لَقِي فِيهَا العدُوَّ انتَظر حتى مَالتِ الشَّمسُ ، ثُمَّ قام في النَّاس فقال : « أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمنَّوْا لِقَاءَ العدُوِّ ، وَسلُوا اللَّه العافِيةَ ، فإذا لقِيتُمُوهُم فَاصبِرُوا ، واعلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ » ثم قال : « اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكتاب ومُجرِيَ السَّحابِ ، وهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمهُم وانْصُرنَا علَيهِم » متفقٌ عليه .
 1325- وعن سهْلِ بنِ سعد رضي اللَّه عنْهُ قال : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ثِنَتانِ لا تُرَدَّانِ ، أوْ قَلَّمَا تُردَّانِ : الدُّعَاءُ عِنْد النِّدَاءِ وعِند البأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُم بَعضاً » .
 رواه أبو داود بإسناد صحيح .
 1326- وعَنْ أنسٍ رضي اللَّه عنْهُ قال : كانَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إذا غَزَا قال : « اللَّهُمَّ أنت عضُدِي ونَصِيري ، بِك أَجُولُ ، وبِك أصولُ ، وبِكَ أُقاتِل » رواهُ أبو داود ، والترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ .
1327- وعَن أبي مُوسى ، رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ إذا خَاف قوماً قال : اللَّهُمَّ إنَّا نَجعَلُكَ في نُحُورِهِم ، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهِم » رواه أبو داود بإسناد صحيحٍ .
 1328- وعنْ ابنِ عُمَر ، رضي اللَّه عنهما ، أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « الخَيْلُ مَعْقُودٌ في نَوَاصِيَها الخَيرُ إلى يوْمِ القِيامَةٍِ » متفقٌ عليه .
 1329- وعنْ عُرْوَةَ البَارِقِيِّ ، رضي اللَّه عتْهُ ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « الخَيْلُ مَعقُودٌ في نَواصِيهَا الخَيرُ إلى يوْمِ القِيامَةِ : الأَجرُ ، والمغنَمُ » . متفقٌ عليه .
1330- وعَنْ أبي هُريْرَةَ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « من احتَبَس فَرساً في سبيلِ اللَّهِ ، إيماناً بِاللَّهِ ، وتَصدِيقاً بِوعْدِهِ ، فإنَّ شِبَعهُ ورَيْهُ وروْثَهُ ، وبولَهُ في مِيزَانِهِ يومَ القِيامَةِ » رواه البخاريُّ .
 1331- وعنْ أبي مسْعُودٍ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قال جاءَ رجُلُ إلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِنَاقَةٍ مَخْطُومةٍ فقال : هذِهِ في سبيل اللَّهِ ، فقال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لكَ بِهَا يَومَ القِيامةِ سبعُمِائَةِ ناقَةٍ كُلُّها مخطُومةٌ » رواهُ مسلم .
1332- وعن أبي حمّادٍ ­ ويُقال : أبو سُعاد ، ويُقالُ : أبو أَسدٍ ، ويقال : أبو عامِرٍ، ويقالُ : أبو عَمْرو ، ويقالُ : أبو الأسْودِ ، ويقال : أبو عَبْسٍ ­ عُقْبةُ بنِ عامِرٍ الجُهَنيِّ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قال : سمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَهُوَ عَلى المِنْبرِ ، يقولُ : «وَأَعِدُّوا لهُم ما استَطَعْتُم من قُوَّةٍ ، ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ ، ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ ، ألا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ » رواه مسلم .
 1333- وعَنْهُ قال : سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « ستُفْتَحُ علَيكُم أَرضُونَ ، ويكفِيكُم اللَّه ، فَلا يعْجِزْ أَحَدُكُمْ أنْ يلْهُو بِأَسْهُمِهِ » رواه مسلم .
 1334- وعْنهُ أَنَّهُ قال : قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ عُلِّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تركَهُ ، فَلَيس مِنَّا، أوْ فقَد عَصى » رواه مسلم .
 1335- وعنهُ رضي اللَّه عنْهُ ، قالَ : سمِعْتُ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « إنَّ اللَّه يُدخِلُ بِالسهمِ ثَلاثةَ نَفَرٍ الجنَّةَ : صانِعهُ يحتسِبُ في صنْعتِهِ الخير ، والرَّامي بِهِ ، ومُنْبِلَهُ، وَارْمُوا وارْكبُوا ، وأنْ ترمُوا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أنْ تَرْكَبُوا . ومَنْ تَرَكَ الرَّميَ بعْد ما عُلِّمهُ رغبَةً عنه . فَإنَّهَا نِعمةٌ تَركَهَا » أوْ قال : « كَفَرَهَا » رواهُ أبو داودَ .
1336- وعَنْ سَلَمةَ بن الأكوعِ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قال : مَرَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، على نَفَرٍ ينتَضِلُون ، فقال : « ارْمُوا بَنِي إِسْماعيل فَإنَّ أبَاكم كان رَامِياً » رواه البخاري .
 1337- وعَنْ عمْرو بنِ عبسَةَ ، رضي اللَّه عَنْهُ قال : سمِعتُ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، يقولُ: « منْ رَمَى بِسهمٍ في سبيلِ اللَّه فَهُو لَهُ عِدْلُ مُحرَّرةٍ » .
 رواهُ أبو داود ، والترمذي وقالا : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
 1338- وعَن أبي يحيى خُريم بن فاتِكٍ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قال : قال رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً في سبيلِ اللَّهِ كُتِبَ لَهُ سبْعُمِائِة ضِعفٍ » رواه الترمذي وقال : حديثٌ حَسَنٌ .
1339- وعنْ أبي سَعيدٍ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْماً في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ باعد اللَّه بِذلكَ اليوم وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خَرِيفاً » متفقٌ عليهِ .
 1340- وعنْ أبي أُمامةَ ، رضي اللَّه عنْهُ ، عَنِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قال : « مَنْ صامَ يَوْماً في سبيل اللَّهِ جَعَلَ اللَّه بينَهُ وَبيْنَ النَّارِ خَنْدَقاً كَمَا بيْن السَّماءِ والأرْضِ » رواهُ الترمذي وقال:حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
 1341- وعنْ أبي هُريرة ، رضي اللَّه عنهُ ، قالَ : قال رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ ماتَ ولَمْ يَغْزُ ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَه بِغَزوٍ ، ماتَ عَلى شُعْبَةٍ مَنَ النِّفَاقِ » رواهُ مسلمٌ .
 1342- وعَن جابرٍ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قالَ : كنَّا مع النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، في غَزَاة فقال : «إنَّ بالمدينةِ لَرِجالاً ما سِرتُمْ مَسيراً ، وَلا قَطَعْتُمْ وادياً إلاَّ كانُوا معكُم ، حبَسهُمُ المَرضُ».
وفي روايةٍ : « حبَسهُمُ العُذْرُ » . وفي روايةٍ : إلاَّ شَرَكُوكُمْ في الأَجرِ » رواهُ البخاري من روايةِ أَنَسٍ ، ورواهُ مسلمٌ من روايةِ جابرٍ واللفظ له .
1343- وعنْ أبي مُوسى ، رضي اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ أعْرَابيّاً أَتى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَال : يا رسول اللَّه ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْتمِ ، والرَّجُلُ يُقَاتِلُ ليُذْكَرَ ، والرَّجُلُ يُقاتِلُ ليُرى مكانُه؟
 وفي روايةٍ : يُقاتلُ شًَجاعَةً ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً .
 وفي روايةٍ : ويُقاتلُ غَضَباً ، فَمْنْ في سبيل اللَّهِ ؟ فَقَالَ رسولُ اللِّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ قَاتَلَ لتكُونَ كَلِمَةُ اللَّه هِيَ العُلْيا ، فَهُوَ في سبيلِ اللَّهِ » متفقٌ عليه .
1344- وعنْ عبد اللَّهِ بن عمرو بنِ العاص ، رضي اللَّه عنْهُما ، قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما مِنْ غَازِيةٍ ، أوْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو ، فَتَغْنمُ وتَسْلَم ، إلاَّ كانُوا قَدْ تعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجورِهِم، ومَا مِنْ غازِيةٍ أوْ سرِيَّةٍ تُخْفِقُ وتُصابُ إلاَّ تَمَّ لهم أُجورُهُمْ » رواهُ مسلمٌ .
 1345- وعنْ أبي أُمامَةَ ، رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ رَجُلاً قالَ : يا رسولَ اللَّه ائذَن لي في السِّياحةِ . فَقالَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنَّ سِياحةَ أُمَّتي الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ، عَزَّ وجلَّ » رواهُ أبو داود بإسناد جيِّد .
1346- وعَنْ عبدِ اللَّهِ بن عَمْرو بن العاص ، رضي اللَّه عنهمَا ، عنِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  قال: « قَفْلَةٌ كَغزْوةٌ » .
  رواهُ أبو داود بإسناد جيد .
 « القَفلَةُ » : الرُّجُوعُ ، والمراد : الرُّجوعُ مِنَ الغزْوِ بعد فراغِهِ ، ومعناه : أَنه يُثابُ في رُجُوعِهِ بعد فراغِهَ مِنَ الغَزْوِ .
 1347- وعن السائب بن يزيد و رضي اللَّه عنْهُ ، قالَ : لمَّا قدِمَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مَنْ غَزوةِ تَبُوكَ تَلَقَّاه النَّاسُ ، فَتَلَقَّيْتُهُ مع الصِّبيانِ على ثَنيِّةِ الوَداعِ . رواه أبو داود بإسناد صَحيحٍ بهذا اللفظ ، وَرَواه البخاريُّ قال : ذَهَبْنَا نتَلقَّى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مَعَ الصِّبيَانِ إلى ثَنِيَّةِ الوَداعِ .
1348- وعَنْ أبي أُمَامَةَ ،رضي اللَّه عَنْهُ ، عَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « مَنْ لم يغْزُ ، أوْ يُجهِّزْ غَازياً ، أوْ يَخْلُفْ غَازياً في أهْلِهِ بِخَيرٍ أصابَهُ اللَّه بِقَارِعةٍ قَبْلَ يوْمِ القِيامةِ » .
 رواهُ أبو داود بإسناد صحيحٍ .
 1349- وعنْ أنس ، رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « جاهِدُوا المُشرِكينَ بِأَموالِكُمْ وأَنْفُسِكُم وأَلسِنَتِكُم » . رواهُ أبو داود بإسناد صحيح .
  1350- وعَنْ أبي عَمْرو . ويقالُ : أبو حكِيمٍ النُعْمَانِ بنِ مُقَرِّنٍ رضي اللَّه عنْهُ قال : شَهِدْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إذا لَمْ يقَاتِلْ مِنْ أوَّلِ النَّهارِ أَخَّر القِتالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ ، وتَهبَّ الرِّياحُ ، ويَنزِلَ النَّصْرُ .
رواهُ أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ .
 1351- وعنْ أبي هريْرَةَ رضي اللَّه عنهُ ، قالَ : قالَ رَسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ ، فإذا لَقيتُمُوهم ، فَاصُبِروا » متفق عليه .
 1352-  وعَنْهُ وعَنْ جابرٍ ، رضي اللَّه عَنْهُما ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « الحرْبُ خُدْعَةٌ» متفقٌ عليهِ .
235- باب بيان جماعة منَ الشهداء في ثواب الآخرة
ويغسلون ويُصَلَّى عليهم بخلاف القتيل في حرب الكفار
1353- عنْ أبي هُرَيْرةَ ، رضي اللَّه عَنْهٍُ ، قالَ : قالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ : المَطعُونُ ، وَالمبْطُونُ ، والغَرِيقُ ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه » متفقٌ عليهِ .
1354- وعنهُ قالَ : قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ما تَعُدُّونَ الشهداءَ فِيكُم ؟ قالُوا : يا رسُولِ اللَّهِ من قُتِل في سبيل اللَّه فَهُو شهيدٌ . قال : « إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذاً لَقلِيلٌ ، » قالُوا: فَمنْ يا رسُول اللَّه ؟ قال : « منْ قُتِل في سبيلِ اللَّه فهُو شَهيدٌ ، ومنْ ماتَ في سبيل اللَّه فهُو شهيدٌ ، ومنْ ماتَ في الطَّاعُون فَهُو شَهيدٌ ، ومنْ ماتَ في البطنِ فَهُو شَهيدٌ، والغَريقُ شَهيدٌ » رواهُ مسلمٌ .
1355- وعن عبدِ اللَّهِ بن عمْرو بن العاص ، رضي اللَّه عنْهُمَا ، قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ قُتِل دُونَ مالِه ، فَهُو شهيدٌ » متفقٌ عليه .
1356- وعنْ أبي الأعور سعيدِ بنِ زَيْدِ بنِ عمرو بنِ نُفَيْلٍ ، أَحدِ العشَرةِ المشْهُودِ لَهمْ بالجنَّةِ ، رضي اللَّه عنْهُمْ ، قال : سمِعت رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « منْ قُتِل دُونَ مالِهِ فهُو شَهيدٌ ، ومنْ قُتلَ دُونَ دمِهِ فهُو شهيدٌ ، ومن قُتِل دُونَ دِينِهِ فَهو شهيدٌ ، ومنْ قُتِل دُونَ أهْلِهِ فهُو شهيدٌ » .
رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1357- وعنْ أبي هُريرة ، رضي اللَّه عنْهُ ، قالَ : جاء رجُلٌ إلى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَال: يا رسول اللَّه أَرأَيت إنْ جاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مالي ؟ قال : « فَلا تُعْطِهِ مالكَ » قال : أَرأَيْتَ إنْ قَاتلني ؟ قال : « قَاتِلْهُ » قال : أَرأَيت إن قَتلَني ؟ قال : « فَأنْت شَهيدٌ » قال : أَرأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ ؟ قال : « هُوَ في النَّارِ » رواهُ مسلمٌ .
236- باب فضل العتق
قال اللَّه تعالى:  { فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة؟ فك رقبة }  الآية.
1358- وعنْ أبي هُريرةَ ، رضي اللَّه عنهُ ، قال : قال لي رَسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ أَعْتَقَ رقَبةً مُسْلِمةً أَعْتَقًَ اللَّه بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِنْهُ مِنَ النَّارِ حتى فَرْجَهُ بِفرجهِ » . متفقٌ عليهِ .
1359- وعَنْ أبي ذَرٍّ ، رضي اللَّه عنهُ ، قالَ : قُلْتُ يا رسُولَ اللَّه ، أيُّ الأعْمالِ أفضَل ؟ قَال : « الإيمانُ باللَّه ، والجِهادُ في سبيلِ اللَّه » قَالَ : قُلْتُ : أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ ؟ قالَ : « أنْفَسُهَا عِنْد أَهْلِهَا ، وَأَكثَرُهَا ثَمَناً » متفقٌ عليه .
237- باب فضل الإِحْسَان إلى المملوك
قال اللَّه تعالى:  { واعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئاً، وبالوالدين إحساناً، وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب، الصاحب بالجنب، وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم } .
1360- وعن المَعْرُور بن سُويْدٍ قالَ : رأَيْتُ أبا ذَرٍّ ، رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، وعليهِ حُلَّةٌ ، وعَلى غُلامِهِ مِثْلُهَا ، فَسَألْتُهُ عَنْ ذلك ، فَذكر أنَّه سَابَّ رَجُلاً على عهْدِ رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَعَيَّرَهُ بأُمِّهِ ، فَقَال النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنَّك امْرُؤٌ فِيك جاهِليَّةٌ » : هُمْ إخْوانُكُمْ ، وخَولُكُمْ ، جعَلَهُمُ اللَّه تَحت أيدِيكُمْ ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحت يَدهِ فليُطعِمهُ مِمَّا يَأْكلُ ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يلبَسُ ، ولا تُكَلِّفُوهُم مَا يَغْلبُهُمْ ، فإن كَلَّفتُمُوهُم فَأَعِينُوهُم » ،متفقٌ عليه .
1361- وَعَنْ أبي هُريرَةَ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، عَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : قالَ : إذا أَتى أحدَكم خَادِمُهُ بِطَعامِهِ ، فَإنْ لم يُجْلِسْهُ معهُ ، فَليُناولْهُ لُقمةً أوْ لُقمَتَيْنِ أوْ أُكلَةً أوْ أُكلَتَيْنِ ، فَإنَّهُ ولِيَ عِلاجهُ»رواه البخاري .
 « الأُكلَةُ » بضم الهمزة : هِيَ اللُّقمَةُ .
238- باب فضل المملوك الذي يؤدي حقَّ اللهِ وحقَّ مواليهِ
1362- عَن ابن عُمَرَ ، رضي اللَّه عَنْهُما ، أَنَّ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : إنَّ العَبْد إذا نَصحَ لِسيِّدِهِ ، وَأَحْسَنَ عِبادةَ اللَّهِ ، فَلَهُ أَجْرُهُ مرَّتيْنِ » متفقٌ عليه .
1363- وعَنْ أبي هُريرَةَ ، رضي اللَّه عنهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « للعبدِ الممْلُوكِ المُصْلحِ أَجْرَانِ » ، والَّذِي نَفسُ أبي هُرَيرَة بيَدِهِ لَوْلا الجهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ ، والحَجُّ، وبِرُّ أُمِّي ، لأحْببتُ أنْ أمُوتَ وأنَا ممْلوكٌ . متفقٌ عليهِ .
1364- وعَنْ أبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قال : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «الممْلُوكُ الذي يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ ، وَيُؤدِّي إلى سَيِّدِهِ الذي عليهِ مِنَ الحقِّ ، والنَّصِيحَةِ ، والطَّاعَةِ ، لهٌُ أجْرَانِ » رواهُ البخاريُّ .
1365- وعَنْهُ قَالَ : قَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ثلاثةٌ لهُمْ أَجْرانِ : رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكتاب آمن بنبيَّه وآمنَ بمُحَمدٍ ، والعبْدُ المَمْلُوكُ إذا أدَّى حقَّ اللَّهِ ، وَحقَّ مَوَالِيهِ ، وَرَجُل كانَتْ لَهُ أَمةٌ فَأَدَّبها فَأحْسَنَ تَأْدِيبَها ، وَعلَّمها فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَها ، ثُمَّ أَعْتقَهَا فَتَزَوَّجَهَا ، فَلَهُ أَجْرَان » متفقٌ عَليهِ .
239- باب فضل العبادةِ في الهرج وهو الاختلاط والفتن ونحوها
1366- عنْ مَعقِلِ بن يسارٍ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « العِبَادَةُ في الهَرْجِ كهِجْرةٍ إلَيَّ » رواهُ مُسْلمٌ .
240- باب فضل السَّماحةِ في البيع والشراء
والأخذ والعطاء ، وحسن القضاء والتقاضي ، وإرجاح المكيال والميزان ، والنَّهي عن التطفيف ، وفضل إنظار الموسِر والمُعْسِر والوضع عنه
قال اللَّه تعالى:  { وما تفعلوا من خير فإن اللَّه به عليم } .
وقال تعالى:  { ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط، ولا تبخسوا الناس أشياءهم } .
وقال تعالى:  { ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون؛ ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم. يوم يقوم الناس لرب العالمين } .
1367- وعَنٌْ أبي هُريرة ، رضِيَ اللَّه عنْهُ ، أَنَّ رجُلاً أتى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يتَقاضَاهُ فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحابُهُ ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « دعُوهُ فَإنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مقَالاً » ثُمَّ قَالَ : « أَعْطُوه سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ » قالوا : يا رسولَ اللَّهِ لا نَجِدُ إلاَّ أَمْثَل مِنْ سِنِّهِ ، قال : « أَعْطُوهُ فَإنَّ خَيْرَكُم أَحْسنُكُمْ قَضَاءً » متفقٌ عليه .
 1368- وعَنْ جابرٍ ، رضي اللَّه عنْهُ ، أن رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « رَحِم اللَّه رجُلا سَمْحاً إذا بَاع ، وَإذا اشْتَرى ، وَإذا اقْتَضىَ » . رواه البخاريُّ .
1369- وعَنْ أبي قَتَادَةَ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : سمِعْتُ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنَجِّيَهُ اللَّه مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أوْ يَضَعْ عَنْهُ » رواهُ مسلمٌ .
 1370- وعنْ أبي هُريرةَ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « كَانَ رجلٌ يُدايِنُ النَّاسَ ، وَكَان يَقُولُ لِفَتَاهُ : إذا أَتَيْتَ مُعْسِراً فَتَجاوزْ عَنْهُ ، لَعلَّ اللَّه أنْ يَتجاوزَ عنَّا فَلقِي اللَّه فَتَجاوَزَ عنْهُ » متفقٌ عَليهِ .
1371- وعَنْ أبي مسْعُودٍ البدْرِيِّ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «حُوسب رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قبلكم فَلَمْ يُوجدْ لَهُ مِنَ الخَيْرِ شَيَّءٌ ، إلاَّ أَنَّهُ كَان يَُخَالِطُ النَّاس ، وَكَانَ مُوسِراً ، وَكَانَ يأْمُرُ غِلْمَانَه أن يَتَجَاوَزُوا عن المُعْسِر . قال اللَّه ، عزَّ وجَلَّ : « نَحْنُ أحقُّ بِذَلكَ مِنْهُ ، تَجاوَزُوا عَنْهُ » رواه مسلمٌ .
 1372- وعنْ حُذَيْفَةَ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قَالَ : أُتِى اللَّه تَعالى بِعَبْد من عِبَادِهِ آتاهُ اللَّه مَالاً ، فَقَالَ لَهُ : ماذَا عمِلْتَ في الدُّنْيَا ؟ قَالَ : ­ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّه حديثاً ­ قَال : يَاربِّ آتَيْتَنِي مالَكَ فَكُنْتُ أُبايِعُ النَّاسَ ، وَكانَ مِنْ خُلُقي الجوازُ ، فكُنْتُ أَتَيَسرُ عَلى المُوسِرِ، وأُنْظِرُ المُعْسِر . فَقَالَ اللَّه تَعَالى : « أَنَا أَحقُّ بذا مِنْكَ ، تجاوزُوا عَنْ عبْدِي » فقال عُقْبَةُ بنُ عامرٍ ، وأَبو مَسْعُودٍ الأنصاريُّ ، رَضِيَ اللَّه عنْهُما : هكذا سَمِعْنَاهُ مِنْ في رَسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم. رواهُ مسلمٌ .
  1373- وعنْ أبي هُريرَةَ ، رضي اللَّه عنْه ، قَالَ : قَالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « من أَنْظَر مُعْسِراً أوْ وَضَعَ لَهُ ، أظلَّهُ اللَّه يَوْمَ القِيامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ » .
 رواهُ الترمذيُّ وقَال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
 1274- وعَنْ جابرٍ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، اشْتَرى مِنْهُ بَعِيراً ، فَوَزَنَ لَهُ، فَأَرْجَحَ متفقٌ عليه .
  1375- وعنْ أبي صَفْوَان سُوْيدِ بنِ قَيْس ، رضي اللَّه عنهُ ، قَالَ : جَلبْتُ أَنَا ومَحْرمَةُ الْعبدِيُّ بَزًّا مِنْ هَجَر ، فَجاءَنَا النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَسَاومنَا بسراويلَ ، وَعِنْدِي وَزَّانٌ يزنُ بالأجْرِ ، فَقَالَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لِلْوَزَّانِ : « زِنْ وَأَرْجِحْ » رواهُ أبو داودَ ، والترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .

كتابُ العِلم
241- بابُ فضل العلم
قال اللَّه تعالى:  { وقل رب زدني علماً } .
وقال تعالى:  { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } .
وقال تعالى:  { يرفع اللَّه الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } .
وقال تعالى:  { إنما يخشى اللَّه من عباده العلماء } .
 1276- وعَنْ مُعاوِيةَ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قال : قَال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ يُرِد اللَّه بِهِ خيْراً يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ » متفقٌ عليه .
1377- وعنْ ابنِ مسْعُودٍ ، رضي اللَّه عنْه ، قَال : قَال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا حَسَد إلاَّ في اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالاً فَسلَّطهُ عَلى هلَكَتِهِ في الحَقِّ ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّه الحِكْمَةَ فهُوَ يَقْضِي بِهَا ، وَيُعَلِّمُهَا » مُتَّفَقٌ عَليهِ .
 والمرادُ بالحسدِ الْغِبْطَةُ ، وَهُوَ أنْ يتَمنَّى مثْلَهُ .
 1378- وعَنْ أبي مُوسى ، رضي اللَّه عنْهُ ، قال : قَالَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَثَلُ مَا بعثَنِي اللَّه بِهِ مِنَ الهُدى والْعِلْمِ كَمَثَل غَيْثٍ أصاب أرْضاً ، فَكَانَتْ مِنْهَا طَائفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ ، وَالْعُشْب  الْكَثِيرَ ، وَكَانَ مِنْهَا أجَادِبُ أمسَكَتِ المَاءَ ، فَنَفَعَ اللَّه بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وزَرَعُوا ، وأَصَاب طَائفَةً مِنْهَا أُخْرى إنَّما هِي قِيعانٌ ، لا تمْسِكُ مَاءً ، وتُنْبِتُ كَلأً ، فَذلكَ مثَلُ منْ فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ ، وَنَفَعَهُ ما بَعَثَنِي اللَّه بِهِ فَعلِمَ وَعلَّمَ، وَمَثَلُ منْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلكَ رأساً ، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذي أُرْسِلْتُ بِهِ » متفقٌ عليه.
 1379- وعَنْ سَهْلِ بن سعدٍ ، رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ لِعَليًّ ، رضي اللَّه عنْهُ : « فو اللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلاً واحِداً خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم » متفقٌ عليهِ.
 1380- وعن عبدِ اللَّه بن عمرو بن العاص ، رضي اللَّه عنْهُما ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: «بلِّغُوا عَنِّي ولَوْ آيَةً ، وحَدِّثُوا عنْ بني إسْرَائيل وَلا حَرجَ ، ومنْ كَذَب علَيَّ مُتَعمِّداً فَلْيتبَوَّأْ مَقْعَدهُ من النَّار » رواه البخاري .
1381- وعنْ أبي هُريرةَ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قالَ : « .... ومَنْ سلَك طرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً ، سهَّلَ اللَّه لَهُ بِهِ طَرِيقاً إلى الجَنَّةِ » رواهُ مسلمٌ .
 1382- وَعَنهُ ، أيضاً ، رضي اللَّه عنْه أنَّ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « مَنْ دعا إلى هُدىً كانَ لهُ مِنَ الأجْر مِثلُ أُجورِ منْ تَبِعهُ لا ينْقُصُ ذلكَ من أُجُورِهِم شَيْئاً » رواهُ مسلمٌ.
 1383- وعنْهُ قال : قَالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إذا ماتَ ابْنُ آدَم انْقَطَع عَملُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاثٍ : صَدقَةٍ جارية ، أوْ عِلمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أوْ وَلدٍ صالحٍ يدْعُو لَهُ » رواهُ مسلمٌ .
1384- وَعنْهُ قَالَ  : سمِعْتُ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ : « الدُّنْيَا ملْعُونَةٌ ، ملْعُونٌ ما فِيهَا، إلاَّ ذِكرَ اللَّه تَعَالى ، وما والاَهُ ، وعَالماً ، أوْ مُتَعلِّماً » رواهُ الترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ.
 قولهُ « وَمَا وَالاهُ » أي : طاعةُ اللِّه .
 1385- وَعَنْ أنسٍ ، رضي اللَّه عنْهُ قالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَن خرَج في طَلَبِ العِلمِ ، فهو في سَبيلِ اللَّهِ حتى يرجِعَ » رواهُ الترْمِذيُّ وقال :  حديثٌ حَسنٌ  .
1386- وعَنْ أبي سَعيدٍ الخدْرِيِّ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، عَنْ رسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لَنْ يَشبَع مُؤمِنٌ مِنْ خَيْرٍ حتى يكون مُنْتَهَاهُ الجَنَّةَ » .     رواهُ الترمذيُّ ، وقَالَ : حديثٌ حسنٌ  .
 1387- وعَنْ أبي أُمَامة ، رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « فضْلُ الْعالِم على الْعابِدِ كَفَضْلي على أَدْنَاكُمْ » ثُمَّ قال : رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنَّ اللَّه وملائِكَتَهُ وأَهْلَ السَّمواتِ والأرضِ حتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وحتى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلى مُعلِّمِي النَّاسِ الخَيْرْ» رواهُ الترمذي وقالَ : حَديثٌ حَسنٌ .
 1388- وَعَنْ أبي الدَّرْداءِ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قَال : سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، يقولُ: « منْ سلك طَريقاً يَبْتَغِي فِيهِ علْماً سهَّل اللَّه لَه طَريقاً إلى الجنةِ ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضاً بِما يَصْنَعُ ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ في الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ ، وفَضْلُ الْعَالِم على الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سائر الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ » . رواهُ أبو داود والترمذيُّ .
1389- وعنِ ابن مسْعُودٍ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قال : سمِعْتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ : «نَضَّرَ اللَّه امْرءاً سمِع مِنا شَيْئاً ، فبَلَّغَهُ كما سَمعَهُ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعى مِنْ سَامِع » . رواهُ الترمذيُّ وقال : حديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ .
 1390- وعن أبي هُريرةَ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ سُئِل عنْ عِلمٍ فَكَتَمَهُ ، أُلجِم يَومَ القِيامةِ بِلِجامٍ مِنْ نَارٍ » .
 رواهُ أبو داود والترمذي ، وقال : حديثٌ حسنٌ .
1391- وعنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ تَعلَّمَ عِلماً مِما يُبتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عز وَجَلَّ لا يَتَعلَّمُهُ إلا ليصِيبَ بِهِ عرضاً مِنَ الدُّنْيا لَمْ يجِدْ عَرْفَ الجنَّةِ يوْم القِيامةِ » يعني : ريحها ، رواه أبو داود بإسناد صحيح .
  1392-  وعنْ عبدِ اللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عَنهُما قال : سمِعتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول : « إنَّ اللَّه لا يقْبِض العِلْم انْتِزَاعاً ينْتزِعُهُ مِنَ النَّاسِ ، ولكِنْ يقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَماءِ حتَّى إذا لمْ يُبْقِ عالماً ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوساً جُهَّالاً فَسئِلُوا ، فأفْتَوْا بغَيْرِ علمٍ ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا » متفقٌ عليه .

كتابُ حمد الله تعالى وشكره
242- بابُ فضل الحمد والشكر
قال اللَّه تعالى:  { فاذكروني أذكركم، واشكروا لي ولا تكفرون } .
وقال:  { لئن شكرتم لأزيدنكم } .
وقال تعالى:  { وقل الحمد لله } .
وقال تعالى :  { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } .
1393- وعن أبي هُرَيْرة ، رضي اللَّه عنْهُ ، أَنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أُتِي لَيْلةَ أُسْرِيَ بِهِ بِقَدَحَيْن مِن خَمْر ولَبن ، فنظَرَ إلَيْهِما فأَخذَ اللَّبنَ ، فَقَالَ جبريلُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « الحمْدُ للَّهِ الَّذي هَداكَ للفِطْرةِ لوْ أخَذْتَ الخَمْرَ غَوتْ أُمَّتُكَ » رواه مسلم .
1394- وعنْهُ عنْ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « كُلُّ أمْرٍ ذِي بال لا يُبْدأُ فيه بـــ : الحمد للَّه فَهُوَ أقْطُع » حديثٌ حسَنٌ ، رواهُ أبو داود وغيرُهُ  .
1395- وعَن أبي مُوسى الأشعريَّ رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إذا ماتَ ولَدُ العبْدِ قال اللَّه تعالى لملائِكَتِهِ : قَبضْتُمْ ولَدَ عبْدِي ؟ فيقولُون : نَعمْ ، فَيقولُ : قبضتُم ثَمرةَ فُؤَادِهِ ؟ فيقولون : نَعَمْ ، فيقولُ : فَمَاذَا قال عَبْدي ؟ فيقولون : حمِدكَ واسْتَرْجَع ، فَيقُولُ اللَّه تَعالى : ابْنُوا لِعَبْدِي بيْتاً في الجنَّةِ ، وسَمُّوهُ بَيْتَ الحمْدِ » رواهُ الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ .
1396- وعنّْ أنَسَ رضي اللَّه عنهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنَّ اللَّه لَيرضي عنِ العبْدِ يَأْكُلُ الأكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَليْهَا ، وَيَشْرب الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا » رواهُ مسلم .

كتابُ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
243- باب فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال اللَّه تعالى: {إن اللَّه وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً } .
1397- وعنْ عبد اللَّه بن عمرو بن العاص ، رضي اللَّه عنْهُمَا أنَّهُ سمِع رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « من صلَّى عليَّ صلاَةً ، صلَّى اللَّه علَيّهِ بِهَا عشْراً » رواهُ مسلم .
 1398- وعن ابن مسْعُودٍ رضي اللَّه عنْهُ أنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « أَوْلى النَّاسِ بي يوْمَ الْقِيامةِ أَكْثَرُهُم عَليَّ صلاةً » رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ .
1399- وعن أوس بن أوس ، رضي اللَّه عنْهُ قال : قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنَّ مِن أَفْضلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعةِ ، فَأَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصلاةِ فيه ، فإنَّ صَلاتَكُمْ معْرُوضَةٌ علَيَّ » فقالوا : يا رسول اللَّه ، وكَيْفَ تُعرضُ صلاتُنَا عليْكَ وقدْ أرَمْتَ ؟، يقولُ :بَلِيتَ ،قالَ:«إنَّ اللَّه حَرم على الأرْضِ أجْساد الأنْبِياءِ » .
 رواهُ أبو داود بإسنادٍ صحيحِ .
 1400- وعنْ أبي هُريْرةَ رضي اللَّه عنهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « رَغِم أنْفُ رجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ علَيَّ » رواهُ الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ .
1401- وعنهُ رضي اللَّه عنْهُ قال : قالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تَجْعلُوا قَبْرِي عِيداً ، وَصلُّوا عَلَيَّ ، فَإنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُني حيْثُ كُنْتُمْ » رواهُ أبو داود بإسناد صحيح .
 1402- وعنهُ أنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « ما مِنْ أحد يُسلِّمُ علَيَّ إلاَّ ردَّ اللَّه علَيَّ رُوحي حَتَّى أرُدَّ عَليهِ السَّلامَ » .
  رواهُ أبو داود بإسناد صحيحٍ .
 1403- وعن علِيٍّ رضي اللَّه عنْهُ قال : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « الْبخِيلُ من ذُكِرْتُ عِنْدَهُ ، فَلَم يُصَلِّ علَيَّ » .
رواهُ الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
 1404- وعنْ فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قال : سمِع رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم رَجُلاً يدْعُو في صلاتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللَّه تَعالى ، وَلَمْ يُصلِّ عَلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فقال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « عَجِلَ هذا » ، ثمَّ دعَاهُ فقال لهُ ­ أوْ لِغَيْرِهِ ­ : إذا صلَّى أحَدُكُمْ فليبْدأْ بِتَحْمِيدِ ربِّهِ سُبْحانَهُ والثَّنَاءِ عليهِ ، ثُمَّ يُصلي عَلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ثُمَّ يدْعُو بَعدُ بِما شاءَ » .
رواهُ أبو داود والترمذي وقالا : حديثٌ حسن صحيحٌ .
 1405- وعن أبي محمد كَعب بن عُجرَةَ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قال : خَرج علَيْنَا النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقُلْنا : يا رسول اللَّه ، قَدْ علِمْنَا كَيْف نُسلِّمُ عليْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي علَيْكَ ؟ قال : «قُولُوا : اللَّهمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ ، وَعَلى آلِ مُحمَّد ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلى آلِ إبْرَاهِيمَ ، إنَّكَ حمِيدٌ مجيدٌ . اللهُمَّ بارِكْ عَلى مُحَمَّد ، وَعَلى آلِ مُحَمَّد ، كَما بَاركْتَ على آلِ إبْراهِيم ، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ » .متفقٌ عليهِ .
 1406- وعنْ أبي مسْعُود الْبدْريِّ ، رضي اللَّه عنْهُ ، قالَ : أَتاناَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَنَحْنُ في مَجْلِس سعد بنِ عُبَادَةَ رضي اللَّه عنهُ ، فقالَ لهُ بَشِيرُ بْنُ سعدٍ : أمرَنَا اللَّه أنْ نُصلِّي علَيْكَ يا رسولَ اللَّهِ ، فَكَيْفَ نُصَّلي علَيْكَ ؟ فَسكَتَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، حتى تَمنَّيْنَا أنَّه لمْ يَسْأَلْهُ ، ثمَّ قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  ، قولُوا : اللَّهمَّ صلِّ عَلى مُحَمَّدٍ ، وَعَلى آلِ مُحمَّدٍ ، كما صليْتَ على آل إبْراهِيم ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّد ، وعَلى آلِ مُحمَّد ، كما بَاركْتَ عَلى آل إبْراهِيم ، إنكَ حمِيدٌ مجِيدٌ ، والسلام كما قد عَلِمتم » رواهُ مسلمٌ .
  1407- وعَنْ أبي حُمَيْدٍ السَّاعِديِّ ، رضي اللَّه عنهُ ، قالَ : قَالُوا يا رسول اللَّه كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قالَ : « قولُوا : اللَّهُمَّ صلِّ على مُحمِّدٍ ، وعَلى أزْواجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، كما صَلَّيْتَ على إبْراهِيمَ ، وباركْ عَلى مُحَمَّدٍ ، وعَلى أَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ ، كما بارَكتَ على إبْراهِيم ، إنَّكَ حمِيدٌ مجِيدٌ » متفقٌ عليهِ .

كتاب الأذكار
244- باب فضل الذكر والحثِّ عليه
قال اللَّه تعالى:  { ولذكر اللَّه أكبر } .
وقال تعالى:  { فاذكروني أذكركم } .
وقال تعالى:{واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين } .
وقال تعالى:  { واذكروا اللَّه كثيراً لعلكم تفلحون } .
وقال تعالى:  { إن المسلمين والمسلمات }  إلى قوله تعالى:  { والذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات، أعد اللَّه لهم مغفرة وأجراً عظيماً } .
وقال تعالى:  { يا أيها الذين آمنوا اذكروا اللَّه ذكراً كثيراً، وسبحوه بكرة وأصيلاً }  الآية.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
1408- وعَنْ أبي هُريرةَ ، رضي اللَّه عنْهُ قالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « كَلِمتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلى اللِّسانِ ، ثَقيِلَتانِ في المِيزَانِ ، حَبِيبَتَانِ إلى الرَّحْمنِ:سُبْحان اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبحانَ اللَّه العظيمِ»متفقٌ عليهِ.
 1409- وعَنْهُ رضي اللَّه عنْهُ قال : قالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لأن أَقُولَ سبْحانَ اللَّهِ ، وَالحَمْدُ للَّهِ ، ولا إلَه إلاَّ اللَّه ، وَاللَّه أكْبرُ ، أَحبُّ إليَّ مِمَّا طَلَعَت عليهِ الشَّمْسُ » رواه مسلم .
1410- وعنهُ أنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  قالَ : « منْ قال لا إله إلاَّ اللَّه وَحْدَهُ لا شرِيكَ لَهُ،  لهُ المُلكُ ، وَلهُ الحَمْدُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، في يومٍ مِائةَ مَرَّةٍ كانَتْ لَهُ عَدْل عَشر رقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنةٍ ، وَمُحِيت عنهُ مِائة سيِّئَةٍ ، وكانت له حِرزاً مِنَ الشَّيطَانِ يومَهُ ذلكَ حتى يُمسِي ، ولم يأْتِ أَحدٌ بِأَفضَل مِمَّا جاءَ بِهِ إلاَّ رجُلٌ عَمِلَ أَكثَر مِنه » ، وقالَ : «من قالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبحمْدِهِ ، في يوْم مِائَةَ مَرَّةٍ ، حُطَّتْ خَطَاياهُ ، وإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْر » متفقٌ عليهِ .
 1411- وعَنْ أبي أيوبَ الأنصَاريِّ رضي اللَّه عَنْهُ عَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « مَنْ قالَ لا إله إلاَّ اللَّه وحْدهُ لا شَرِيكَ لهُ ، لَهُ المُلْكُ ، ولَهُ الحمْدُ ، وَهُو على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، عشْر مرَّاتٍ : كان كَمَنْ أَعْتَقَ أرْبعةَ أَنفُسٍ مِن وَلِد إسْماعِيلَ » متفق عليهِ .
 1412- وعنْ أبي ذَرٍّ رضي اللَّه عَنْهُ قالَ : قالَ لي رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ألا أُخْبِرُكَ بِأَحبِّ الكَلامِ إلى اللَّهِ ؟ إنَّ أحبَّ الكَلامِ إلى اللَّه : سُبْحانَ اللَّه وبحَمْدِهِ » رواه مسلم .
1413- وعَنْ أبي مالكٍ الأشْعَرِيِّ رضي اللَّه عنْهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمان ، والحمدُ للَّهِ تَمْلأُ المِيْزانَ ، وسُبْحَانَ اللَّهِ والحمْدُ للَّه تمْلآنِ ­ أو تَمْلأُ ­ ما بَيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ » رواهُ مسلم .
 1414- وعَنْ سعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رضي اللَّه عنْهُ قال : جاءَ أَعْرَابي إلى رسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقالَ : علِّمْني كَلاماً أَقُولُهُ . قالَ : « قُل لا إله إلاَّ اللَّه وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ ، اللَّه أَكْبَرُ كَبِيراً ، والحمْدُ للَّهِ كَثيراً ، وسُبْحانَ اللَّه ربِّ العالمِينَ ، ولا حوْل وَلا قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ العَزيز الحكيمِ » ، قال : فَهؤلاء لِرَبِّي ، فَما لي ؟ قال : « قُل : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وارْحمني. واهْدِني ، وارْزُقْني » رواه مسلم .
1415- وعنْ ثوبانَ رضي اللَّه عنْهُ قال : كان رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إذا انْصَرَف مِنْ صلاتِهِ اسْتَغفَر ثَلاثاً ، وقال : « اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ ، ومِنكَ السَّلامُ ، تباركْتَ يَاذا الجلالِ والإكرام » قِيل للأَوْزاعي وهُوَ أَحَد رُواةِ الحديث : كيفَ الاستِغفَارُ ؟ قال : تقول : أَسْتَغْفرُ اللَّه ، أَسْتَغْفِرُ اللَّه . رواهُ مسلم .
 1416- وعَن المُغِيرةِ بن شُعْبةَ رضي اللَّه عَنْهُ أنَّ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَان إذا فَرغَ مِنَ الصَّلاة وسلَّم قالَ : « لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ ، وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ . اللَّهُمَّ لا مانِعَ لما أعْطَيْتَ ، وَلا مُعْطيَ لما مَنَعْتَ ، ولا ينْفَعُ ذا الجَدِّ مِنْكَ الجدُّ » متفقٌ عليهِ .
1417- وعَنْ عبد اللَّه بن الزُّبَيْرِ رضي اللَّه تعالى عنْهُما أَنَّهُ كان يقُول دُبُرَ كَلِّ صلاةٍ، حينَ يُسَلِّمُ : لا إلَه إلاَّ اللَّه وَحْدَهُ لا شريكَ لهُ ، لهُ الملكُ ولهُ الحَمْدُ ، وهُوَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ . لا حوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّه ، لا إله إلاَّ اللَّه ، وَلا نَعْبُدُ إلاَّ إيَّاهُ ، لهُ النعمةُ ، ولَهُ الفضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسنُ ، لا إله إلاَّ اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولوْ كَرِه الكَافرُون .قالَ ابْنُ الزُّبَيْر : وكَان رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مكتوبة ، رواه مسلم .
 1418- وعنْ أبي هُريرةَ رضي اللَّه عَنْهُ أنَّ فُقَرَاءَ المُهاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقالُوا: ذَهب أهْلُ الدُّثُورِ بالدَّرجَاتِ العُلى ، وَالنِّعِيمِ المُقيمِ : يُصَلُّونَ كَما نُصلِّي ، وَيصُومُونَ كما نَصُومُ ، ولهمُ فَضْلٌ مِنْ أمْوالٍ : يحجُّونَ ، ويَعْتَمِرُونَ ، وَيُجاهِدُونَ ، ويتَصَدَّقُون . فقالَ: « ألا أُعلمُكُمْ شَيْئاً تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سبَقَكُمْ ، وتَسبِقُونَ بِهِ منْ بَعْدكُمْ . ولا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضلَ مِنْكُمْ إلاَّ مَنْ صَنَعِ مِثلَ ما صَنَعْتُم ؟ » قالُوا : بَلَى يا رسول اللَّه ، قال : «تُسبِّحُونَ ، وتَحْمدُونَ وتُكَبِّرُونَ ، خلْفَ كُلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثَلاثينَ » قال أبُو صالحٍ الرَّاوي عنْ أبي هُرَيْرةَ ، لمَّ سئِل عنْ كيْفِيةِ ذِكْرِهنَّ ، قال : يقول : سُبْحان اللَّه ، والحمْدُ للَّه ، واللَّه أكْبرُ ، حتَّى يكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهنَّ ثلاثاً وثلاثين . متفقٌ عليهِ  وزاد مُسْلمٌ في روايتِهِ : فَرجع فُقَراءُ المُهَاجِرِينَ إلى رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فقالوا : سمِع إخْوانُنا أهلُ الأمْوال بِما فعَلْنَا ، ففعَلُوا مِثْلهُ ؟ فقالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ذلكَ فَضْلُ اللَّه يُؤْتِيهِ منْ يشاءُ » .
 « الدُّثُورُ » جمع دَثْرٍ « بفتحِ الدَّالِ وإسكانِ الثاء المثلَّثَةِ » وهو المالُ الكثيرُ .
 1419- وعنْهُ عنْ رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « مَنْ سَبَّحَ اللَّه في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ ثَلاثاً وثَلاثينَ ، وَحمِدَ اللَّه ثَلاثاً وثَلاثين ، وكَبَّرَ اللَّه ثَلاثاً وَثَلاثينَ وقال تَمامَ المِائَةِ : لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحْدَه لا شَريك لهُ ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحمْد ، وهُو على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، غُفِرتْ خطَاياهُ وإن كَانَتْ مِثْلَ زَبدِ الْبَحْرَ » رواهُ مسلم .
1420- وعنْ كعْبِ بن عُرْوةَ رضي اللَّه عَنْهُ عَنْ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « مُعقِّبَاتٌ لا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ ­ أَو فَاعِلُهُنَّ ­ دُبُرَ كُلِّ صلاةٍُ مكتُوبةٍ : ثَلاثاً وثَلاثينَ تَسْبِيحَةً ، وَثَلاثاً وَثَلاثِينَ تَحْمِيدَةً ، وَأَرْبَعاً وثَلاثِينَ تَكبِيرةً » رواه مسلم .
 1421- وعنْ سعدِ بن أبي وقاص رضي عنْهُ أنَّ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ يَتَعوَّذُ دُبُر الصَّلَواتِ بِهؤلاءِ الكلِمات : « اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ والْبُخلِ وَأَعوذُ بِكَ مِنْ أنْ أُرَدَّ إلى أرْذَل العُمُرِ وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا ، وأَعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ القَبر » رواه البخاري.
1422- وعنْ معاذٍ رضي اللَّه عَنْهُ أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَخَذَ بيَدِهِ وقال : « يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إنِّي لأُحِبُّكَ » فقال : « أُوصِيكَ يَا معاذُ لا تَدعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ تقُولُ : اللَّهُمَّ أعِنِّي على ذِكْرِكَ ، وشُكْرِكَ ، وَحُسنِ عِبادتِكَ » .
  رواهُ أبو داود بإسناد صحيحٍ .
 1423- عنْ أبي هُريْرة رضي اللَّه عَنْهُ أنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « إذا تَشَهَّد أَحدُكُمْ فَليسْتَعِذ بِاللَّه مِنْ أرْبَع ، يقولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عذَابِ جهَنَّمَ ، وَمِنْ عَذَابِ القَبرِ، وَمِنْ فِتْنةِ المحْيَا والمَماتِ ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيح الدَّجَّالِ » . رواه مسلم .
1424- وعنْ عَلِيٍّ رضي اللَّه عنْهُ قال : كانَ رَسُولُ اللَّهِ إذا قام إلى الصَّلاةِ يكونُ مِنْ آخِر ما يقولُ بينَ التَّشَهُّدِ والتَّسْلِيم : « اللَّهمَّ اغفِرْ لي ما قَدَّمتُ وما أَخَّرْتُ ، وما أَسْرَرْتُ ومَا أعْلَنْتُ ، وما أَسْرفْتُ ، وما أَنتَ أَعْلمُ بِهِ مِنِّي ، أنْتَ المُقَدِّمُ ، وَأنْتَ المُؤَخِّرُ ، لا إله إلاَّ أنْتَ » رواه مسلم .
 1425- وعنْ عائشةَ رضي اللَّه عنْهَا قَالَتْ : كانَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُكْثِرُ أنْ يقولَ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدك ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي » متفقٌ عليهِ .
 1426- وَعَنْهَا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  كانَ يَقُولُ في رُكوعِهِ وسجودِهِ : « سُبُّوحٌ قدُّوسٌ ربُّ الملائِكةِ وَالرُّوحِ » رواه مسلم .
 1427- وعَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  قال : « فَأَمَّا الرُّكوعُ فَعَظِّموا فيهِ الرَّبَّ ، وأمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعاء فَقَمِنُّ أنْ يُسْتَجَاب لَكُمْ » رواه مسلم.
 1428- وعن أبي هريرةَ رضي اللَّه عَنْهُ أنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  قال : « أقربُ ما يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ » رواهُ مسلم .
1429- وعنهُ أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ يقُولُ في سُجُودِهِ اللَّهُمَّ اغفِرْ لي ذَنبي كُلَّهُ : دِقَّه وجِلَّهُ ، وأَوَّله وَآخِرَهُ ، وعلانيته وَسِرَّه » رواهُ مسلم .
 1430- وعنْ عائشةَ رضي اللَّه عنْها قالَتْ : افتَقدْتُ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَتَحَسَّسْتُ، فَإذَا هُو راكعٌ ­ أوْ سَاجدٌ ­ يقولُ : « سُبْحَانكَ وبحمدِكَ ، لا إلهَ إلاَّ أنْتَ » وفي روايةٍ : فَوقَعَت يَدِي على بَطْنِ قَدميهِ ، وهُوَ في المَسْجِدِ ، وهما منْصُوبتانِ ، وَهُوَ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وبمُعافاتِكَ مِنْ عُقوبتِكَ ، وَأَعُوذُ بِك مِنْكَ ، لا أُحْصِي ثَنَاءً عليكَ أَنْتَ كما أثنيتَ على نَفْسِكَ » رواهُ مسلم .
1431- وعنْ سعدِ بن أبي وقاصٍ رضي اللَّه عنْهُ قال : كُنَّا عِنْد رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال: « أَيعجِزُ أَحدُكم أنْ يكْسِبَ في كلِّ يوْمٍ أَلف حَسنَة ، » فَسَأَلَهُ سائِلٌ مِنْ جُلَسائِهِ : كيفَ يكسِبُ أَلفَ حَسنَةٍ ؟ قالَ : « يُسَبِّحُ مِائةَ تَسْبِيحة ، فَيُكتَبُ لهُ أَلفُ حسَنَةٍ ، أوْ يُحَطُّ عنْهُ ألفُ خَطِيئَةٍ » رواه مسلم .
 قال الحُميدِيُّ : كذا هو في كتاب مسلم : « أوْ يُحَطُّ » قال : البَرْقَانيُّ : ورواهُ شُعْبَةُ، وأبو عوانَةَ ، ويَحيَى القَطَّانُ ، عَنْ مُوسى الذي رواه مسلم مِن جِهتِهِ فقالُوا : « وَيُحَطُّ » بِغَيْرِ أَلفٍ .
1432- وعنْ أبي ذَرٍّ رضي اللَّه عنْهُ أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « يُصْبِحُ عَلى كُلِّ سُلامَى مِنْ أَحدِكُمْ صَدَقةٌ : فكُلُّ تَسْبِيحةٍ صدقَةٌ ، وكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ ، وكُلُّ تَكْبِيرةٍ صدقَةٌ ، وَأَمْرٌ بِالمعْرُوفِ صَدقَةٌ ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنكَرِ صدقَةٌ . وَيُجْزِيءُ مِنْ ذلكَ ركْعتَانِ يَرْكَعُهُما منَ الضُّحَى » رواه مسلم .
 1433- وعَنْ أُمِّ المؤمنينَ جُوَيْرِيَةَ بنتِ الحارِثِ رضي اللَّه عَنْها أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خَرجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وهِيَ في مسْجِدِهَا ، ثُمَّ رَجع بَعْد أَنْ أَضْحى وهَي جَالِسةٌ فقال : « مازلْتِ على الحال التي فارَقْتُكَ عَلَيْهَا ؟ » قالَتْ : نَعمْ : فَقَالَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لَقَدْ قُلْتُ بَعْدِكِ أرْبَعَ كَلمَاتٍ ثَلاثَ مرَّاتٍ ، لَوْ وُزِنَتْ بمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَومِ لَوَزَنْتهُنَّ : سُبْحَانَ اللَّهِ وبحمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ، وَرِضَاءَ نَفْسِهِ ، وَزِنَةَ عرْشِهِ ، ومِداد كَلمَاتِه » رواه مسلم.
وفي روايةٍ لهُ : سُبْحانَ اللَّهِ عددَ خَلْقِهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَاءَ نَفْسِهِ ، سُبْحانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ مِداد كَلماتِهِ » .
 وفي روايةِ الترمذي : « ألا أُعلِّمُكِ كَلماتٍ تَقُولِينَها ؟ سُبْحانَ اللَّهِ عَدَدَ خلْقِهِ ، سُبْحانَ اللَّهِ عَددَ خَلْقِهِ ، سُبْحانَ اللَّه عدد خَلْقِهِ ، سُبْحانَ اللَّه رضا نَفْسِهِ ، سُبْحان اللَّهِ رضا نَفْسِهِ، سُبْحانَ اللَّه رضا نَفْسِهِ ، سُبحَانَ اللَّه زِنَةَ عرْشِهٍ ، سُبحَانَ اللَّه زِنَةَ عرْشِهٍ ، سُبحَانَ اللَّه زِنَةَ عرْشِهٍ ، سُبحَانَ اللَّهِ مِدادَ كَلماتِهِ ، سُبحَانَ اللَّهِ مِدادَ كَلماتِهِ ، سُبحَانَ اللَّهِ مِدادَ كَلماتِه » .
 1434- وعنْ أبي مُوسَى الأشعريِّ ، رضي اللَّه عنهُ ، عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  ، قال : «مَثَلُ الذي يَذكُرُ ربَّهُ وَالذي لا يذكُرُهُ ، مَثَل الحيِّ والمَيِّتِ » رواهُ البخاري .
ورواه مسلم فقال :«مَثَلُ البَيْتِ الَّذي يُذْكَرُ اللَّه فِيهِ ، وَالبَيتِ الذي لا يُذْكَرُ اللَّه فِيهِ ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ » .
 1435- وعنْ أبي هُريرةَ ، رضي اللَّه عنْهُ ، أنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « يقُولُ اللَّه تَعالى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عبدي بي ، وأنا مَعهُ إذا ذَكَرَني ، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي ، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ ، ذكَرتُهُ  في ملإٍ خَيْرٍ منْهُمْ » متَّفقٌ عليهِ .
1436- وعَنْهُ قال : قالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « سبقَ المُفَرِّدُونَ » قالوا : ومَا المُفَرِّدُونَ يا رسُول اللَّهِ ؟ قال : « الذَّاكِرُونَ اللَّه كَثيراً والذَّاكِراتُ » رواه مسلم .
 روي : « المُفَرِّدُونَ » بتشديد الراء وتخفيفها ، والمَشْهُورُ الَّذي قَالَهُ الجمهُورُ : التَّشديدُ.
 1437-­ وعن جابر رضي اللَّه عَنْهُ قالَ : سمِعْتُ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « أَفْضَلُ الذِّكرِ : لا إله إلاَّ اللَّه » .
 رواهُ الترمِذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ .
1438- وعنْ عبد اللَّه بن بُسْرٍ رضي اللَّه عنْهُ أنَّ رَجُلاً قال : يا رسُولَ اللَّهِ ، إنَّ شَرائِع الإسْلامِ قَدْ كَثُرتْ علَيَّ ، فَأخبرْني بِشيءٍ أتشَبَّثُ بهِ قال : « لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ » رواهُ الترمذي وقال : حديثٌ حَسَنٌ .
 1439- وعنْ جابرٍ رضي اللَّه عنهُ ، عَنِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « منْ قال : سُبْحانَ اللَّهِ وبحَمدِهِ ، غُرِستْ لهُ نَخْلَةٌ في الجَنَّةِ » . رواه الترمذي وقال : حديث حسنٌ .
 1440- وعن ابن مسْعُودٍ رضي اللَّه عَنْهُ قال : قال رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم « لَقِيتُ إبراهيمَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي فقال : يا مُحمَّدُ أقرِيءْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلام ، وأَخبِرْهُمْ أنَّ الجنَّةَ طَيِّبةُ التُّرُبةِ ، عذْبةُ الماءِ ، وأنَّها قِيعانٌ وأنَّ غِرَاسَها : سُبْحانَ اللَّه ، والحمْدُ للَّه ، ولا إله إلاَّ اللَّه واللَّه أكْبَرُ » .
رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ .
 1441- وعنْ أَبي الدِّرداءِ ، رضيَ اللَّه عَنْهُ قالَ : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَلا أُنَبِّئُكُم بِخَيْرِ أَعْمَالِكُم ، وأَزْكَاهَا عِند مليكِكم ، وأَرْفعِها في دَرجاتِكم ، وخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاق الذَّهَبِ والفضَّةِ ، وخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقوْا عدُوَّكم ، فَتَضربُوا أَعْنَاقَهُم ، ويضرِبوا أَعْنَاقكُم؟» قالوا : بلَى ، قال:« ذِكُر اللَّهِ تَعالى » .
 رواهُ الترمذي ، قالَ الحاكمُ أَبو عبد اللَّهِ : إِسناده صحيح .
1442- وعن سعْدِ بنِ أَبي وقَّاصٍ رضي اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ دَخَل مع رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم على امْرأَةٍ وبيْنَ يديْهَا نَوىً ­ أَوْ حصىً ­ تُسبِّحُ بِه فقال : « أَلا أُخْبِرُك بما هُو أَيْسرُ عَليْكِ مِنْ هذا ­ أَوْ أَفْضَلُ » فقالَ : « سُبْحانَ اللَّهِ عددَ مَا خَلَقَ في السَّماءِ ، وَسُبْحانَ اللَّهِ عددَ ما خَلَقَ في الأَرْضِ ، سُبحانَ اللَّهِ عددَ ما بيْنَ ذلك ، وسبْحانَ اللَّهِ عدد ما هُوَ خَالِقٌ . واللَّه أَكْبرُ مِثْلَ ذلكَ ، والحَمْد للَّهِ مِثْل ذلك ، ولا إِله إِلا اللَّه مِثْل ذلكَ ، ولا حوْل ولا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّه مِثْلَ ذلك » .
رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ .
 1443- وعنْ أَبي مُوسى رضي اللَّه عنْه قال : قالَ لي رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَلا أَدُلُّك على كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجنَّةِ ؟ » فقلت : بلى يا رسول اللَّه ، قال : « لا حول ولا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » متفقٌ عليه .

245- باب ذكر اللَّه تعالى قائماً وقاعداً ومضطجعاً
ومحدثاً وجُنباً وحائضاً إلا القرآن فلا يحل لجنب ولا حائض
قال اللَّه تعالى:  { إن في خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون اللَّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم } .
1444- وعنْ عائشة رضيَ اللَّه عنْهَا قَالَت : كانَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يذكُرُ اللَّه تَعالى على كُلِّ أَحيانِهِ . رواه مسلم .
1445-­ وعن ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهما عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لو أَنَّ أَحَدكُمْ إِذا أَتَى أَهلَهُ قالَ:بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيطَانَ وَجنِّبِ الشَّيطانَ مارزَقْتَنَا ،فَقُضِي بيْنهُما ولَدٌ ،م يضُرّهُ»متفقٌ عليه.  
246- باب ما يقوله عند نومه واستيقاظِه
1446- عن حُذَيْفَةَ ، وأَبي ذَرٍّ رضيَ اللَّه عَنْهُمَا قالا : كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا أَوَى إِلى فِراشِهِ قال : « بِاسمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وَأَمُوتُ » وإِذا اسْتيقَظَ قال : « الحمْدُ للَّهِ الذِي أَحْيَانَا بعد مَا أَماتَنَا وَإِليْهِ النُّشورُ » رواه الترمذي .
247- باب فضل حِلَقِ الذِّكْر
والنَّدب إلى ملازمتها والنهَّي عن مفارقتها لغير عذر
قال اللَّه تعالى: { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم } .
1447- وعنْ أَبي هُريرةَ رضي اللَّه عنهُ قال : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّ للَّهِ تَعالى ملائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُق يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ ، فإِذا وَجدُوا قَوْماً يذكُرُونَ اللَّه عَزَّ وَجلَّ، تَـنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلى حاجتِكُمْ ، فَيَحُفُّونَهم بِأَجْنِحَتِهم إِلى السَّمَاء الدُّنْيَا ، فَيَسأَلهُم رَبُّهُم ­ وَهُوَ أَعْلم ­ : ما يقولُ عِبَادِي ؟ قال : يَقُولُونَ : يُسبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرونَكَ ، ويحْمَدُونَكَ ، ويُمَجِّدُونَكَ ، فيقولُ : هل رأَوْني ؟ فيقولون : لا واللَّهِ ما رأَوْكَ ، فَيَقُولُ : كَيْفَ لو رَأَوْني؟، قال : يقُولُون لو رَأَوْكَ كانُوا أَشَدَّ لكَ عِبادَةً ، وأَشَدَّ لكَ تمْجِيداً ، وأَكثرَ لكَ تَسْبِيحاً . فَيَقُولُ : فماذا يَسأَلُونَ ؟ قال : يَقُولونَ : يسأَلُونَكَ الجنَّةَ . قالَ : يقولُ : وَهل رَأَوْهَا ؟ قالَ : يَقُولُونَ : لا وَاللَّه ياربِّ مَا رأَوْهَا . قَالَ : يَقُولُ : فَكَيْفَ لو رَأَوْهَا ؟، قال: يَقُولُونَ : لو أَنَّهُم رأَوْها كَانُوا أَشَدَّ علَيْهَا حِرْصاً ، وَأَشَدَّ لهَا طَلَباً ، وَأَعْظَم فِيها رغْبة. قَالَ : فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ قَالَ : يقولُون يَتعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ ، قال : فَيقُولُ : وهَل رَأَوْهَا ؟ قالَ: يقولونَ: لا واللَّهِ ما رأَوْهَا . فَيقُولُ : كَيْف لو رَأوْها ؟، قال : يقُولُون : لو رَأَوْهَا كانوا أَشَدَّ منها فِراراً ، وأَشَدَّ لها مَخَافَة . قَالَ : فيقُولُ : فَأُشْهدُكم أَنِّي قَد غَفَرْتُ لهم ، قَالَ : يقُولُ مَلَكٌ مِنَ الملائِكَةِ : فِيهم فُلانٌ لَيْس مِنهم ، إِنَّمَا جاءَ لِحاجَةٍ، قال : هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهم جلِيسهُم » متفقٌ عليه .
        وفي روايةٍ لمسلِمٍ عنْ أَبي هُريرةَ رضِي اللَّه عنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ للَّهِ مَلائِكَةً سَيَّارةً فُضًلاءَ يتَتَبَّعُونَ مجالِس الذِّكرِ ، فَإِذا وجدُوا مَجلِساً فِيهِ ذِكْرٌ ، قَعدُوا معهُم ، وحفَّ بعْضُهُم بعْضاً بِأَجْنِحَتِهِم حتَّى يَمْلأُوا ما بيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّماءِ الدُّنْيَا ، فَإِذا تَفَرَّقُوا عَرجُوا وصعِدوا إِلى السَّماءِ ، فَيسْأَلهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ ­ وهُوَ أَعْلَمُ ­ : مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ ؟ فَيَقُولُون: جِئْنَا مِنْ عِندِ عِبادٍ لَكَ في الأَرْضِ : يُسبحُونَكَ، ويُكَبِّرُونَكَ ، وَيُهَلِّلُونَكَ ، وَيحْمَدُونَكَ ، وَيَسْأَلُونَكَ . قال : وماذا يسْأَلُوني ؟ قَالُوا : يَسْأَلُونَكَ جنَّتَكَ . قال : وهَلْ رَأَوْا جنَّتي ؟ قالُوا : لا ، أَيْ ربِّ : قال : فكَيْفَ لو رأَوْا جنَّتي ؟ قالُوا : ويسْتَجِيرُونَكَ قال : ومِمَّ يسْتَجِيرُوني ؟ قالوا : منْ نَارِكَ ياربِّ . قال : وَهَلْ رَأَوْا نَارِي ؟ قالوا : لا ، قال : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي ؟، قالُوا : ويسْتَغْفِرونَكَ ، فيقول : قَدْ غفَرْتُ لهُمْ ، وأَعطَيْتُهُمْ ما سَأَلُوا ، وأَجرْتُهم مِمَّا اسْتَجارُوا . قال : فَيقُولونَ : ربِّ فيهمْ فُلانٌ عبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ ، فَجلَس معهُمْ ، فيقول : ولهُ غفَرْتُ ، هُمْ القَوْمُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ » .
1448- وعنهُ عنْ أَبي سعيدٍ رضِي اللَّه عنْهُمَا قالا : قَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ حفَّتْهُمُ الملائِكة ، وغشِيتهُمُ الرَّحْمةُ ونَزَلَتْ علَيْهِمْ السَّكِينَة ، وذكَرَهُم اللَّه فِيمن عِنْدَهُ » رواه مسلم .
 1449- وعن أَبي واقِدٍ الحارِثِ بن عَوْفٍ رضيَ اللَّه عنْهُ أَنَّ رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بيْنَما هُو جَالِسٌ في المسْجِدِ ، والنَّاسُ معهُ ، إِذ أَقْبلَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ ، فأَقْبَل اثْنَانِ إِلى رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وذَهَب واحدٌ، فَوقَفَا على رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . فَأَمَّا أَحدُهُما فرأَى فُرْجَةً في الحلْقَةِ ، فجَلَسَ فيها وأَمَّا الآخَرُ ، فَجَلَس خَلْفَهُمْ ، وأَمَّا الثالثُ فَأَدبر ذاهباً . فَلمَّا فَرَغَ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: أَلا أُخبِرُكم عن النَّفَرِ الثَّلاثَةِ ، أَمَّا أَحدُهم ، فَأَوى إِلى اللَّهِ فآواه اللَّه وأَمَّا الآخرُ فَاسْتَحْيي فاستحيي اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الآخرُ ، فأَعْرضَ ، فأَعْرض اللَّهُ عنْهُ » متفقٌ عليه .
  1450- وعن أبي سعيد الخُدْريِّ رضي اللَّه عنْهُ قال : خَرج معاوِيَة رضي اللَّه عَنْهُ علَى حَلْقَةٍ في المسْجِدِ ، فقال : ما أَجْلَسكُمْ ؟ قالُوا : جلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّه . قَالَ : آللَّهِ ما أَجْلَسكُم إِلاَّ ذَاكَ ؟ قالوا : ما أَجْلَسنَا إِلاَّ ذَاكَ ، قال : أَما إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُم تُهْمةً لَكُم وما كانَ أَحدٌ بمنْزِلَتي مِنْ رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أقلَّ عنْهُ حَدِيثاً مِنِّي : إِنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خرَج علَى حَلْقَةٍ مِن أَصحابِه فقال : « ما أَجْلَسكُمْ ؟ » قالوا : جلَسْنَا نَذكُرُ اللَّه ، ونحْمدُهُ علَى ماهَدَانَا لِلإِسْلامِ ، ومنَّ بِهِ عليْنا . قَال : « آللَّهِ ما أَجْلَسكُمْ إِلاَّ ذَاكَ ؟ قالوا : واللَّه ما أَجْلَسنا إِلاَّ ذَاكَ . قالَ : « أَما إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهمةً لكُمْ ، ولِكنَّهُ أَتانِي جبرِيلُ فَأَخْبرني أَنَّ اللَّه يُباهِي بِكُمُ الملائكَةَ » رواهُ مسلمٌ .
248- باب الذكر عند الصباح والمساء
قال اللَّه تعالى:  { واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين } .
قال أهل اللغة:  { الآصال }  جمع أصيل وهو: ما بين العصر والمغرب.
وقال تعالى:  { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها } .
وقال تعالى:  { وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار } .
قال أهل اللغة:  { العشي } : ما بين زوال الشمس وغروبها.
وقال تعالى:  { في بيوت أذن اللَّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللَّه }  الآية.
وقال تعالى:  { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق } .
1451- وعنْ أَبي هريرة رضي اللَّه عنهُ قال : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ قال حِينَ يُصْبِحُ وحينَ يُمسِي : سُبْحانَ اللَّهِ وبحمدِهِ مِائَةَ مَرةٍ لَم يأْتِ أَحدٌ يوْم القِيامة بأَفضَلِ مِما جَاءَ بِهِ ، إِلاَّ أَحدٌ قال مِثلَ مَا قال أَوْ زَادَ » رواهُ مسلم .
 1452- وعَنهُ قال : جاءَ رجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فقال : يا رسُول اللَّهِ ما لَقِيتُ مِنْ عَقْربٍ لَدغَتني البارِحةَ ، قال : « أَما لَو قُلتَ حِينَ أمْسيت : أعُوذُ بِكَلماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ منْ شَرِّ ما خَلَقَ لم تَضُرَّك » رواه مسلم .
  1453- وعنْهُ عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّه كان يقول إِذَا أَصْبَحَ : اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبحْنَا وبِكَ أَمسَيْنَا وبِكَ نَحْيا ، وبِكَ نَمُوتُ ، وَإِلَيْكَ النُّشُورُ » وإِذا أَمْسى قال : « اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا، وبِكَ نَحْيا ، وبِك نمُوتُ وإِلَيْكَ المَصِير » .
 رواه أَبو داود والترمذي وقال : حديث حسن .
 1454- وعنهُ أَنَّ أَبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ ، رضيَ اللَّه عنه ، قال : يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِكَلمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ وإِذَا أَمْسَيتُ ، قال : قُلْ : « اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَواتِ والأرضِ عَالمَ الغَيْب وَالشَّهَادةِ ، ربَّ كُلِّ شَيءٍ وَمَلِيكَهُ . أَشْهَدُ أَن لاَ إِله إِلاَّ أَنتَ ، أَعُوذُ بكَ منْ شَرِّ نَفسي وشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكهِ » قال : « قُلْها إِذا أَصْبحْتَ ، وَإِذا أَمْسَيْتَ ، وإِذا أَخذْتَ مَضْجِعَكَ » رواه أبو داود والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1455- وعَن ابْن مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنهُ قالَ : كانَ نبيُّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذَا أَمسى قال : أَمْسَيْنَا وأَمْسى المُلكُ للَّهِ ، والحمْدُ للَّهِ ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّه وحْدَهُ لاَ شَريكَ لَه » قالَ الرواي: أَرَاهُ قال فيهِنَّ : « لهُ المُلكُ وَلَه الحمْدُ وهُوَ عَلى كلِّ شَيءٍ قدِيرٌ ، ربِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا في هذِهِ اللَّيلَةِ ، وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا ، وأَعُوذُ بِكَ منْ شَرِّ مَا في هذِهِ اللَّيْلَةِ وشَرِّ ما بعْدَهَا ، ربِّ أَعُوذُ بِكَ من الكَسَلِ ، وَسُوءِ الكِبْرِ ، أعوذُ بِكَ منْ عذَابٍ في النَّار ، وَعَذَابٍ في القبر » وَإِذَا أَصْبحَ قال ذلك أَيْضاً : « أَصْبحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْك للَّهِ »رواه مسلم .
1456- وعنْ عبدِ اللَّهِ بنِ خُبَيْب ­ بضَمِّ الْخَاءِ المُعْجَمَةِ ­ رضي اللَّه عَنْهُ قال : قال لي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « اقْرأْ : قُلْ هوَ اللَّه أَحَدٌ ، والمعوِّذَتَيْن حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصبِحُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كلِّ شَيْءٍ » .رواهُ أَبو داود والترمذي وقال : حديثٌ حسن صحيح .
 1457- وعنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَانَ رضيَ اللَّه عنهُ قالَ :قالَ رَسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:«مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كلِّ يَوْمٍ ومَسَاءٍ كلِّ لَيْلَةٍ :بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَع اسْمِهِ شيء في الأرضِ ولا في السماءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعلِيمُ ، ثلاثَ مَرَّاتٍ ، إِلاَّ لَمْ يَضُرَّهُ شَيءٌ»رواه أبو داود ، والتِّرمذي وقال:حديث حسن صحيح .
249- باب ما يقوله عند النوم
قال اللَّه تعالى:  { إن في خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون اللَّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السموات والأرض }  الآيات.
1458- وعنْ حُذيفةَ وأَبي ذرٍّ رضي اللَّه عنْهما أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قالَ : « باسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وَأَمُوتُ » . رواه البخاري .
1459- وعَنْ عليٍّ رضي اللَّه عَنْهُ أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ له وَلِفَاطِمةَ رضيَ اللَّه عنهما: « إِذَا أَوَيْتُمَا إِلى فِراشِكُما ، أَوْ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُما ­ فَكَبِّرا ثَلاثاً وَثَلاثِينَ ، وَسَبِّحَا ثَلاثاً وثَلاثِينَ ، وَاحْمَدَا ثَلاثاً وَثَلاثِين » وفي روايةٍ : « التَّسْبِيحُ أَرَبعاً وَثَلاثِينَ » وفي روايةٍ : « التَّكبيرُ أَربعاً وَثَلاثِينَ » متفقٌ عليه .
 1460- وعن أَبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّه عنهُ ، قال : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا أَوَى أَحَدُكُم إِلى فِراشِهِ ، فَلْيَنْفُض فِراشَهُ بداخِلَةِ إِزَارِهِ فإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبي ، وَبِكَ أَرْفَعُهُ ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْها ، وإِنْ أَرْسَلْتَهَا ، فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِه عِبادَكَ الصَّالحِينَ »   متفقٌ عليه .
1461- وعنْ عائشةَ رضي اللَّه عنْها ، أَنَّ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كان إِذَا أَخَذَ مضْجعَهُ نَفَثَ في يدَيْهِ ، وَقَرَأَ بالْمُعَوِّذاتِ ومَسح بِهمَا جَسَدَهُ ، متفقٌ عليه .
  وفي رواية لهما : أَنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ إِذَا أَوى إِلى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلةٍ جمَع كَفَّيْهِ ­ ثُمَّ نفَثَ فيهما فَقَرأَ فِيهما : قُلْ هُوَ اللَّه أَحَدٌ ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفلَقِ ، وَقُلْ أَعُوذُ بِربِّ النَّاسِ ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا ما اسْتطاعَ مِن جسَدِهِ ، يبْدَأُ بِهما عَلَى رَأْسِهِ وَوجهِهِ ، وما أَقبلَ مِنْ جَسَدِهِ ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاَثَ مرَّات متفقٌ عليه .
قال أَهلُ اللُّغَةِ : « النَّفْثُ » نَفخٌ لَطِيفٌ بِلاَ رِيقٍ .
 1462- وَعنِ البرَاءِ بنِ عازِبٍ ، رَضِيَ اللَّه عنْهمَا ، قَالَ : قال لي رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «إِذَا أَتَيتَ مَضْجَعَكَ فَتَوضَّأْ وضُوءَكَ لِلصَّلاةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلى شِقِّكَ الأَيمَنِ ، وقلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نفِسي إِلَيكَ ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ . وَفَوَّضتُ أَمري إِلَيْكَ ، وَأَلَجَأْتُ ظَهرِي إِلَيْكَ ، رغبةً ورهْبَةً إِلَيْكَ ، لامَلجأَ ولا مَنجي مِنْكَ إِلاَّ إِليكَ ، آمنتُ بِكِتَابِكَ الذِي أَنزَلْت ، وَبِنَبِيِّكَ الذِي أَرسَلتَ ، فإِنْ مِتَّ . مِتَّ على الفِطرةِ ، واجْعَلهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ » مُتَّفقٌ عليهِ .
1463- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ إذا أَوَى إِلى فِرَاشِهِ قَال : «الحمْدُ للَّهِ الَّذي أَطْعَمنَا وسقَانا ، وكفَانَا وآوانَا ، فكمْ مِمَّنْ لا كافيَ لَهُ ولا مُؤْوِيَ » رواهُ مسلمٌ .
 1464- وعنْ حُذيْفَةَ ، رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ إِذا أَرَاد أَنْ يرْقُدَ ، وضَع يَدهُ اليُمنَى تَحْتَ خَدِّهِ ، ثُمَّ يقُولُ : « اللَّهمَّ قِني عَذَابكَ يوْمَ تَبْعثُ عِبادَكَ » رواهُ الترمِذيُّ وقال : حديثٌ حَسنٌ .
وَرَواهُ أَبو داودَ مِنْ رِوايةِ حفْصةَ ، رَضِي اللَّه عنْهُا ، وَفيهِ أَنَّهُ كَانَ يقُولهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ .

كتاب الدعوات
250 – باب فضل الدعاء
قال اللَّه تعالى:  { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } .
وقال تعالى:  { ادعوا ربكم تضرعاً وخفية؛ إنه لا يحب المعتدين } .
وقال تعالى:  { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب؛ أجيب دعوة الداع إذا دعان }  الآية.
وقال تعالى:  { أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء }  الآية.
1465- وَعن النُّعْمانِ بْنِ بشيرٍ رضِي اللَّه عنْهُما ، عَنِ النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « الدُّعاءُ هوَ العِبَادةُ » . رواه أبو داود والترمذي وقالا حديث حسن صحيح .
1466- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا ، قَالَتْ : كَان رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَسْتَحِبُّ الجوامِعَ مِنَ الدُّعاءِ ، ويَدَعُ ما سِوى ذلكَ . رَوَاه أَبو داود بإِسنادٍ جيِّد .
1467- وعَنْ أَنَسٍ رَضي اللَّه عنْهُ ، قَالَ : كانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وفي الآخِرةِ حَسنَةً ، وَقِنَا عَذابَ النَّارِ » مُتَّفَقٌ عليهِ .
زاد مُسلِمٌ في رِوايتِهِ قَال :وكَانَ أَنَسٌ إِذا أَرَاد أَنْ يَدعُوَ بِدعوَةٍ دَعَا بها، وَإِذا أَرَادَ أَن يَدعُو بدُعَاءٍ دَعا بهَا فيه .
1468- وعَن ابنِ مسْعُودٍ رَضي اللَّه عنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ إِنِي أَسْأَلُكَ الهُدَى ، وَالتُّقَى ، وَالعفَافَ ، والغنَى » رواهُ مُسْلِمٌ .
1469- وعَنْ طارِقِ بنِ أَشْيَمَ ، رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قالَ : كَانَ الرَّجلُ إِذا أَسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم الصَّلاةَ ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدعُوَ بهَؤُلاءِ الكَلِمَاتِ : « اللَّهُمَّ اغفِرْ لي ، وَارْحمْني ، واهْدِني ، وعافِني ، وارْزُقني » رواهُ مسلمٌ .
وفي رِوايَةٍ لَهُ عَنْ طارقٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَأَتاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يا رَسُولَ اللَّهِ . كيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي ؟ قَالَ : « قُلْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ، وَارْحَمْني ، وَعَافِني ، وَارْزُقني ، فَإِنَّ هَؤُلاءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ » .
1470- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عمرو بن العاصِ رضيَ اللَّه عنْهُمَا ، قَالَ : قَال رَسُولُ اللَّـهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صرِّفْ قُلوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
1471- وَعَنْ أَبي هُريَرةَ رَضيَ اللَّه عَنْهُ ، عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاءِ ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ ، وَشَماتَةِ الأَعْدَاءِ » متفقٌ عليه .
وفي رِوَايةٍ : قالَ سُفْيَانُ : أَشُكُّ أَنِّي زِدْتُ وَاحِدَةً مِنها .
1472- وَعَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « اللَّهمَّ أَصْلِحْ لي دِيني الَّذي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ التي فِيهَا مَعَاشِي ، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيها معادي، وَاجْعلِ الحيَاةَ زِيادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلِ الموتَ راحَةً لي مِنْ كُلِّ شَرٍ » رَوَاهُ مسلِمٌ .
1473- وَعنْ علي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : قال لي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « قُلْ : اللَّهُمَّ اهْدِني ، وَسدِّدْني » .
وَفي رِوَايةٍ : « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدى ، وَالسَّدَادَ » رواهُ مسلم .
1474- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّـي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعجْزِ والكَسَلِ وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ ، وَالْبُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا وَالمَمَاتِ » .
وفي رِوايةٍ : « وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
1475- وَعن أَبي بكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّه عَنْه ، أَنَّه قَالَ لِرَسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : عَلِّمني دُعَاءً أَدعُو بِهِ في صَلاتي ، قَالَ : قُلْ : اللَّهمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كثِيراً ، وَلا يَغْفِر الذُّنوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِر لي مغْفِرَةً مِن عِنْدِكَ ، وَارحَمْني ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفور الرَّحِيم » متَّفَقٌ عليهِ .
وفي رِوايةٍ : « وَفي بيْتي » وَرُوِي : « ظُلْماً كَثِيراً » وروِيَ « كَبِيراً » بِالثاءِ المثلثة وبِالباءِ الموحدة ، فَيَنْبغِي أَن يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا ، فَيُقَالُ : كَثيراً كَبيراً .
1476- وَعَن أَبي موسَى رضَيَ اللَّه عَنْه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّه كَانَ يَدعُو بهَذا الدُّعَاءِ : «اللَّهمَّ اغْفِر لي خَطِيئَتي وجهْلي ، وإِسْرَافي في أَمْري ، وما أَنْتَ أَعلَم بِهِ مِنِّي ، اللَّهمَّ اغفِرْ لي جِدِّي وَهَزْلي ، وَخَطَئي وَعمْدِي ، وَكلُّ ذلِكَ عِنْدِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ ، وَما أَسْررْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، أَنْت المقَدِّمُ ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلى كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » متفقٌ عليه .
1477- وعنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنهَا ، أَنَّ النَّبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ يقُولُ في دُعَائِهِ : « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما عمِلْتُ ومِنْ شَرِّ ما لَمْ أَعْمَلْ » .رَوَاهُ مُسْلِم .
1478- وعَنِ ابنِ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُما قَالَ : كانَ مِنْ دُعاءِ رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم « اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجميعِ سخَطِكَ » روَاهُ مُسْلِمٌ .
1479- وَعَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَم رضَي اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقَولُ : «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ ، والبُخْلِ وَالهَرم ، وعَذَاب الْقَبْر ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ ولِيُّهَا وَموْلاَهَا ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلمٍ لا يَنْفَعُ ، ومِنْ قَلْبٍ لاَ يخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشبَعُ ، ومِنْ دَعْوةٍ لا يُسْتجابُ لهَا » رواهُ مُسْلِمٌ .
1480- وَعنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وعلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وإِلَيْكَ حَاكَمْتُ . فاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ ، وما أَخَّرْتُ ، وَمَا أَسْررْتُ ومَا أَعلَنْتُ ، أَنْتَ المُقَدِّمُ ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ » .
زادَ بعْضُ الرُّوَاةِ : « ولا حَولَ ولا قوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » متفَقُ عليهِ .
1481- وَعَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ يَدعو بهؤُلاءِ الكَلِمَاتِ : «اللَّهُمَّ إِني أَعوذُ بِكَ مِن فِتنةِ النَّارِ ، وعَذَابِ النَّارِ ، وَمِن شَرِّ الغِنَى وَالفَقْر » .
 رَوَاهُ أَبو داوَد ، والترمذيُّ وقال : حديث حسن صحيح ، وهذا لفظُ أَبي داود .
1482- وعَن زيادِ بْن عِلاقَةَ عن عمِّه ، وهو قُطبَةُ بنُ مالِكٍ ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قَال : كَانَ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن منْكَرَاتِ الأَخلاقِ ، والأعْمَالِ والأَهْواءِ » رواهُ الترمذي وقال : حديثُ حَسَنٌ .
1483- وعَن شكَلِ بنِ حُمَيْدٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَال : قُلْتُ يا رَسولَ اللَّهِ : عَلِّمْني دُعاءً. قَالَ : « قُلْ : اللَّهُمَّ إِني أعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي ، وَمِن شَرِّ بصَرِي ، وَمِن شَرِّ لسَاني ، وَمِن شَرِّ قَلبي ، وَمِن شَرِّ منِيِّي » رواهُ أبو داودَ ، والترمذيُّ وقالَ : حديثٌ حسنٌ .
1484- وَعَن أَنسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ يَقُولُ : « اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوُذُ بِكَ مِنَ الْبرَصِ ، وَالجُنُونِ ، والجُذَامِ ، وسّيءِ الأَسْقامِ » رَوَاهُ أَبو داود بإِسنادٍ صحيحٍ .
1485- وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقولُ : اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ ، فإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجيعُ ، وَأَعُوذُ بِكَ من الخِيانَةِ ، فَإِنَّهَا بئْسَتِ البِطانَةُ » .رواهُ أبو داودَ بإِسنادٍ صحيحٍ .
1486- وَعن عليٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ مُكَاتَباً جاءهُ ، فَقَالَ إِني عجزتُ عَن كتابتي . فَأَعِنِّي . قالَ : أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ عَلَّمَنيهنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لَو كانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جبلٍ دَيْناً أَدَّاهُ اللَّهُ عنْكَ ؟ قُلْ : « اللَّهمَّ اكْفِني بحلالِكَ عَن حَرَامِكَ ، وَاغْنِني بِفَضلِكَ عَمَّن سِوَاكَ».رواهُ الترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ .
1487- وعَنْ عِمْرانَ بنِ الحُصينِ رَضي اللَّه عنْهُمَا ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم علَّم أَباهُ حُصيْناً كَلِمتَيْنِ يدعُو بهما : « اللَّهُمَّ أَلهِمْني رُشْدِي ، وأَعِذني مِن شَرِّ نفسي » . رواهُ الترمذيُّ وقَالَ : حديثٌ حسنٌ .
1488- وَعَن أَبي الفَضلِ العبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضِي اللَّه عنْهُ ، قال : قُلْتُ يارسول اللَّهِ : عَلِّمْني شَيْئاً أَسْأَلُهُ اللَّه تَعَالى ، قَالَ : « سَلُوا اللَّه العافِيةَ » . فَمكَثْتُ أَيَّاماً، ثُمَّ جِئتُ فَقُلْتُ : يا رسولَ اللَّه : علِّمْني شَيْئاً أَسْأَلُهُ اللَّه تعالى ، قَالَ لي : « يَا عبَّاسُ يا عمَّ رَسولِ اللَّهِ ، سَلُوا اللَّه العافيةَ في الدُّنْيا والآخِرةِ » .رَواهُ الترمذيُّ وقَالَ : حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ .
1489- وعنْ شَهْرِ بْنِ حوشَبٍ قَالَ : قُلْتُ لأُمِّ سَلَمَةَ ، رَضِي اللَّه عَنْهَا ، يا أُمَّ المؤمِنِين مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا كانَ عِنْدكِ ؟ قَالَتْ : كانَ أَكْثَرُ دُعائِهِ : « يا مُقلبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قلْبي علَى دِينِكَ » رَواهُ الترمذيُّ ، وقال حَديثٌ حسنٌ .
1490- وعن أبي الدَّرداءِ رَضيَ اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « كانَ مِن دُعاءِ دَاوُدَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « اللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ ، وَحُبَّ من يُحِبُّكَ ، وَالعمَل الذي يُبَلِّغُني حُبَّكَ اللَّهُمَّ اجْعل حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِن نَفسي ، وأَهْلي ، ومِن الماءِ البارد » روَاهُ الترمذيُّ وَقَالَ : حديثٌ حسنٌ .
1491- وعن أَنَسٍ رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قَالَ : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَلِظُّوا بِياذا الجَلالِ وَالإِكرامِ » .رواه الترمذي وروَاهُ النَّسَائيُّ مِن رِوايةِ ربيعةَ بنِ عامِرٍ الصَّحابيِّ . قَالَ الحاكم : حديثٌ صحيحُ الإِسْنَادِ .
« أَلِظُّوا » بكسر الَّلام وتشديد الظاءِ المعجمةِ معْنَاه : الْزَمُوا هذِهِ الدَّعْوَةِ وأَكْثِرُوا مِنها .
1492- وعن أَبي أُمامةَ رضيَ اللَّه عنْهُ قَالَ : دَعا رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِدُعَاءٍ كَثيرٍ ، لم نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئاً ، قُلْنا يا رَسُولَ اللَّهِ دعوت بِدُعاءٍ كَثِيرٍ لم نَحْفَظ منْهُ شَيْئاً ، فقَالَ : « أَلا أَدُلُّكُم على ما يَجْمَعُ ذَلكَ كُلَّهُ ؟ تَقُولُ : « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُك مِن خَيرِ ما سأَلَكَ مِنْهُ نبيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وأَعُوذُ بِكَ من شَرِّ ما اسْتَعاذَ مِنْهُ نَبيُّكَ مُحمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَأَنْتَ المُسْتَعَانُ ، وعليْكَ البلاغُ ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » رواهُ الترمذيُّ وقَالَ : حديثٌ حَسَنٌ .
1493- وَعَن ابْنِ مسْعُودٍ ، رضِيَ اللَّه عنْهُ ، قَالَ :
كَانَ مِن دُعَاء رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِباتِ رحْمتِكَ ، وَعزَائمَ مغفِرتِكَ ، والسَّلامَةَ مِن كُلِّ إِثمٍ ، والغَنِيمَةَ مِن كُلِّ بِرٍ ، وَالفَوْزَ بالجَنَّةِ ، وَالنَّجاةَ مِنَ النَّارِ » .
رواهُ الحاكِم أبو عبد اللَّهِ ، وقال : حديثٌ صحيحٌ على  شرط مسلِمٍ  .
251- باب فضل الدُّعاء بظهر الغيب
قال اللَّه تعالى:  { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } .
وقال تعالى:  { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } .
وقال تعالى إخباراً عن إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم:  { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } .
1494- وَعَن أَبي الدَّردَاءِ رَضِي اللَّه عنْهُ أَنَّهُ سمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ : « ما مِن عبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعُو لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيْبِ إِلاَّ قَالَ المَلكُ ولَكَ بمِثْلٍ » رواه مسلم .
1495- وعَنْهُ أَنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ يقُولُ : « دَعْوةُ المرءِ المُسْلِمِ لأَخيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابةٌ ، عِنْد رأْسِهِ ملَكٌ مُوكَّلٌ كلَّمَا دعا لأَخِيهِ بخيرٍ قَال المَلَكُ المُوكَّلُ بِهِ : آمِينَ ، ولَكَ بمِثْلٍ » رواه مسلم .
252- باب في مسائل من الدعاء
1496- عنْ أُسامَةَ بْنِ زيْدٍ رضِيَ اللَّه عنْهُما قالَ : قالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ صُنِعَ إَلَيْهِ معْرُوفٌ ، فقالَ لِفَاعِلِهِ : جزَاك اللَّه خَيْراً ، فَقَد أَبْلَغَ في الثَّنَاءِ » .
 رواه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حسنٌ صَحِيحٌ .
 1497- وَعَن جَابرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْه قال : قَال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تَدعُوا عَلى أَنْفُسِكُم ، وَلا تدْعُوا عَلى أَولادِكُم ، ولا تَدْعُوا على أَمْوَالِكُم ، لا تُوافِقُوا مِنَ اللَّهِ ساعة يُسأَلُ فِيهَا عَطاءً ، فيَسْتَجيبَ لَكُم » رواه مسلم .
 1498- وعن أَبي هُريرةَ رضي اللَّه عنهُ أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « أَقْرَبُ ما يَكُونُ العَبْدُ مِن ربِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ » رواه مسلم .
 1499- وَعَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : يُسْتجَابُ لأَحَدِكُم ما لَم يعْجلْ : يقُولُ قَد دَعوتُ رَبِّي ، فَلم يسْتَجبْ لي » . متفقٌ عليه .
 وفي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ : « لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ ، ما لَمْ يَسْتعْجِلْ » قِيلَ : يا رسُولَ اللَّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ ؟ قَالَ : « يَقُولُ : قَدْ دعَوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذلك ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ » .
1500- وَعَنْ أَبي أُمامَةَ رَضيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمعُ؟ قَالَ : « جوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ المكْتُوباتِ » رواه الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ .
 1501- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضِي اللَّه عنْهُ أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « مَا عَلى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّه تَعالى بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّه إِيَّاهَا ، أَوْ صَرَف عنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا . ما لَم يدْعُ بإِثْم ، أَوْ قَطِيعَةِ رحِمٍ » فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ : إِذاً نُكْثِرُ . قَالَ : « اللَّه أَكْثَرُ».
رواه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسنٌ صَحِيحٌ : وَرَواهُ الحاكِمُ مِنْ رِوايةِ أَبي سعيِدٍ وَزَاد فِيهِ: « أَوْ يَدَّخر لهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَها » .
 1502- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما أَنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَان يقُولُ عِنْد الكرْبِ : « لا إِلَه إِلاَّ اللَّه العظِيمُ الحلِيمُ ، لا إِله إِلاَّ اللَّه رَبُّ العَرْشِ العظِيمِ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه رَبُّ السمَواتِ ، وربُّ الأَرْض ، ورَبُّ العرشِ الكريمِ » متفقٌ عليه .
253- باب كرامات الأولياء وفضلهم
قال اللَّه تعالى:  { ألا إن أولياء اللَّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، لا تبديل لكلمات اللَّه؛ ذلك هو الفوز العظيم } .
وقال تعالى:  { وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً فكلي واشربي }  الآية.
وقال تعالى:  { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً، قال: يا مريم أني لك هذا؟ قالت هو من عند اللَّه؛ إن اللَّه يرزق من يشاء بغير حساب } .
وقال تعالى:  { وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا اللَّه فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيِّء لكم من أمركم مرفقاً، وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال }  الآية.
1503- وعنْ أبي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمن بنِ أبي بكر الصِّدِّيقِ رضي اللَّه عنْهُما أنَّ أصْحاب الصُّفَّةِ كانُوا أُنَاساً فُقَرَاءَ وأنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ مرَّةً « منْ كانَ عِنْدَهُ طَعامُ اثنَينِ ، فَلْيذْهَبْ بِثَالث ، ومَنْ كَانَ عِنْدهُ طعامُ أرْبَعَةٍ ، فَلْيَذْهَبْ بخَامِسٍ وبِسَادِسٍ » أوْ كَما قَالَ ، وأنَّ أبَا بَكْرٍ رضي اللَّه عَنْهُ جاءَ بثَلاثَةٍ ، وَانْطَلَقَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِعَشرَةٍ ، وَأنَّ أبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْد النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، ثُّمَّ لَبِثَ حَتَّى صلَّى العِشَاءَ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فَجَاءَ بَعْدَ ما مَضَى من اللَّيلِ مَا شاءَ اللَّه . قَالَتْ امْرَأَتُهُ : ما حبسَكَ عَنْ أضْيافِكَ ؟ قَالَ : أوَ ما عَشَّيتِهمْ ؟ قَالَتْ : أبوْا حَتَّى تَجِيءَ وَقدْ عرَضُوا عَلَيْهِم قَال : فَذَهَبْتُ أنَا ، فَاختبأْتُ ، فَقَالَ : يَا غُنْثَرُ ، فجدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ : كُلُوا هَنِيئاً ، واللَّه لا أَطْعمُهُ أبَداًِ ، قال : وايمُ اللَّهِ ما كُنَّا نَأْخذُ منْ لُقْمةٍ إلاَّ ربا مِنْ أَسْفَلِهَا أكْثَرُ مِنْهَا حتَّى شَبِعُوا ، وصَارَتْ أكثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذلكَ ، فَنَظَرَ إلَيْهَا أبُو بكْرٍ فَقَال لا مْرَأَتِهِ : يَا أُخْتَ بني فِرَاسٍ مَا هَذا ؟ قَالَتْ : لا وَقُرّةِ عَيني لهي الآنَ أَكثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلكَ بِثَلاثِ مرَّاتٍ ، فَأَكَل مِنْهَا أبُو بكْرٍ وَقَال : إنَّمَا كَانَ ذلكَ مِنَ الشَّيطَانِ ، يَعني يَمينَهُ ، ثُمَّ أَكَلَ مِنهَا لٍقمةً ، ثُمَّ حَمَلَهَا إلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَأَصْبَحَت عِنْدَهُ . وكانَ بَيْننَا وبَيْنَ قَومٍ عهْدٌ ، فَمَضَى الأجَلُ ، فَتَفَرَّقنَا اثني عشَرَ رَجُلاً ، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُم أُنَاسٌ ، اللَّه أعْلَم كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ .
         وفي روايَة : فَحَلَفَ أبُو بَكْرٍ لا يَطْعمُه ، فَحَلَفَتِ المرأَةُ لا تَطْعِمَه ، فَحَلَفَ الضِّيفُ ­ أوِ الأَضْيَافُ ­ أن لا يَطعَمَه ، أوْ يطعَمُوه حَتَّى يَطعَمه ، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ : هذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَدَعا بالطَّعامِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا ، فَجَعَلُوا لا يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إلاَّ ربَتْ مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا ، فَقَال: يَا أُخْتَ بَني فِرَاس ، ما هَذا ؟ فَقالَتْ : وَقُرَّةِ عَيْني إنهَا الآنَ لأَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ أنْ نَأْكُلَ ، فَأَكَلُوا ، وبَعَثَ بهَا إلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فذَكَرَ أَنَّه أَكَلَ مِنهَا .
    وفي روايةٍ : إنَّ أبَا بَكْرٍ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ : دُونَكَ أَضْيافَكَ ، فَإنِّي مُنْطَلِقٌ إلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَافْرُغْ مِنْ قِراهُم قَبْلَ أنْ أجِيءَ ، فَانْطَلَقَ عبْدُ الرَّحمَن ، فَأَتَاهم بمَا عِنْدهُ . فَقَال : اطْعَمُوا ، فقَالُوا : أيْنَ رَبُّ مَنزِلَنَا ؟ قال : اطعموا ، قَالُوا : مَا نَحْنُ بآكِلِين حتَى يَجِيىء ربُ مَنْزِلَنا ، قَال : اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُم ، فإنَّه إنْ جَاءَ ولَمْ تَطْعَمُوا لَنَلقَيَنَّ مِنْهُ ، فَأَبَوْا ، فَعَرَفْتُ أنَّه يَجِد عَلَيَّ ، فَلَمَّا جاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ ، فَقالَ : ماصنعتم ؟ فأَخْبَروهُ ، فقالَ يَا عَبْدَ الرَّحمَنِ فَسَكَتُّ ثم قال : يا عبد الرحمن. فسكت ، فَقَالَ : يا غُنثَرُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إن كُنْتَ تَسمَعُ صوتي لما جِئْتَ ، فَخَرَجتُ ، فَقُلْتُ : سلْ أَضْيَافِكَ ، فَقَالُوا : صَدقَ ، أتَانَا بِهِ . فَقَالَ: إنَّمَا انْتَظَرْتُموني وَاللَّه لا أَطعَمُه اللَّيْلَةَ ، فَقالَ الآخَرون : وَاللَّهِ لا نَطعَمُه حَتَّى تَطعمه ، فَقَالَ : وَيْلَكُم مَالَكُمْ لا تَقْبَلُونَ عنَّا قِرَاكُم ؟ هَاتِ طَعَامَكَ ، فَجاءَ بِهِ ، فَوَضَعَ يَدَه ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ ، الأولى مِنَ الشَّيطَانِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا . متفقٌ عليه .
قوله : « غُنْثَر » بغين معجمةٍ مضمومةٍ ، ثم نونٍ ساكِنةٍ ، ثُمَّ ثاءٍ مثلثةٍ وهو : الغَبيُّ الجَاهٍلُ ، وقوله : « فجدَّع » أي شَتَمه وَالجَدْع : القَطع . قوله : « يجِدُ عليَّ » هو بكسر الجيمِ ، أيْ : يَغْضَبُ .
 1504- وعنْ أبي هُرَيْرَة رضي اللَّه عَنْهُ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لَقَدْ كَان فِيما قَبْلَكُمْ مِنَ الأُممِ نَاسٌ محدَّثونَ ، فإن يَكُ في أُمَّتي أَحَدٌ ، فإنَّهُ عُمَرُ » رواه البخاري ، ورواه مسلم من روايةِ عائشةَ ، وفي رِوايتِهما قالَ ابنُ وَهْبٍ : « محدَّثُونَ » أَي : مُلهَمُون.
1505- وعنْ جَابِر بن سمُرَةَ ، رضي اللَّه عَنْهُمَا . قَالَ : شَكَا أهْلُ الكُوفَةِ سَعْداً ، يَعْنِي : ابْنِ أبي وَقَّاصٍ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، فَعزَلَه وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عمَّاراً ، فَشَكَوْا حَتَّى ذكَرُوا أَنَّهُ لا يُحْسِنُ يُصَلِّي ، فَأْرسَلَ إلَيْهِ ، فَقَالَ: ياأَبا إسْحاقَ ، إنَّ هؤُلاءِ يزْعُمُونَ أنَّكَ لا تُحْسِنُ تُصَلِّي. فَقَالَ : أمَّا أَنَا واللَّهِ فَإنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهمْ صَلاةَ رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لا أَخْرِمُ عَنْهَا أُصَلِّي صَلاةَ العِشَاءِ فَأَرْكُدُ في الأُولَيَيَنِ ، وَأُخِفُّ في الأُخْرَييْنِ ، قال : ذَلِكَ الظَنُّ بكَ يَا أبَا إسْحاقَ ، وأَرسلَ مَعَهُ رَجُلاً ­ أَوْ رجَالاً ­ إلَى الكُوفَةِ يَسْأَلُ عَنْهُ أَهْلَ الكُوفَةِ ، فَلَمْ يَدَعْ مَسْجِداً إلاَّ سَأَلَ عَنْهُ ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفاً، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِداً لِبَني عَبْسٍ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، يُقَالُ لَهُ أُسامةُ بنُ قَتَادَةَ ، يُكَنَّى أبا سَعْدَةَ، فَقَالَ : أَمَا إذْ نَشَدْتَنَا فَإنَّ سَعْداً كانَ لا يسِيرُ بِالسَّرِيّةِ ولا يَقْسِمُ بِالسَّويَّةِ ، وَلا يعْدِلُ في القَضِيَّةِ ، قَالَ سعْدٌ : أَمَا وَاللَّهِ لأدْعُوَنَّ بِثَلاثٍ : اللَّهُمَّ إنْ كَانَ عبْدكَ هذا كَاذِباً ، قَام رِيَآءً ، وسُمْعَةً ، فَأَطِلْ عُمُرَهُ ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ ، وَعَرِّضْهُ للفِتَنِ ، وَكَانَ بَعْدَ ذلكَ إذا سُئِلَ يَقُولُ : شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُون ، أصَابتْني دَعْوةُ سعْدٍ .
قَالَ عَبْدُ الملِكِ بنُ عُميْرٍ الرَّاوِي عنْ جَابرِ بنِ سَمُرَةَ  فَأَنا رَأَيْتُهُ بَعْدَ قَدْ سَقَط حَاجِبَاهُ عَلى عيْنيْهِ مِنَ الكِبَرِ ، وَإنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ للجوارِي في الطُّرقِ فَيغْمِزُهُنَّ . متفقٌ عليهِ .
 1506- وعنْ عُرْوَةَ بن الزُّبيْر أنَّ سعِيدَ بنَ زَيْدٍِ بْنِ عمْرو بْنِ نُفَيْلِ ، رضي اللَّه عَنْهُ خَاصَمتْهُ أرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إلى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَم ، وَادَّعَتْ أنَّهُ أَخَذَ شَيْئاً مِنْ أرْضِهَا ، فَقَالَ سَعِيدٌ : أنَا كُنْتُ آخُذُ مِنْ أرْضِها شَيْئاً بعْدَ الذي سمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ،؟ قَالَ : مَاذا سمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ؟ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « مَنْ أَخَذَ شِبْراً مِنَ الأرْضِ ظُلْماً ، طُوِّقَهُ إلى سبْعِ أرضينَ » فَقَالَ لَهُ مرْوَانٌ : لا أسْأَلُكَ بَيِّنَةً بعْد هذا ، فَقَال سعيدٌ : اللَّهُمَّ إنْ كانَتْ كاذبِةً ، فَأَعْمِ بصرهَا ، وَاقْتُلْهَا في أرْضِهَا ، قَالَ : فَمَا ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا ، وبيْنَما هِي تمْشي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ في حُفْرةٍ فَمَاتتْ . متفقٌ عليه .
وفي روايةٍ لمسلِمٍ عنْ مُحمَّدِ بن زَيْد بن عبد اللَّه بن عُمَر بمَعْنَاهُ وأَنَّهُ رآهَا عَمْياءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تَقُولُ : أصَابَتْني دعْوَةُ سعًيدٍ ، وَأَنَّها مرَّتْ عَلى بِئْرٍ في الدَّارِ التي خَاصَمَتْهُ فِيهَا ، فَوقَعتْ فِيها ، وَكانَتْ قَبْرهَا .
 1507- وَعَنْ جَابِرِ بنِ عبْدِ اللَّهِ رضي اللَّه عَنْهُما قَال : لمَّا حَضَرَتْ أُحُدٌ دَعاني أبي مِنَ اللَّيْلِ فَقَال : مَا أُرَاني إلاَّ مَقْتُولا في أوَّل مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أصْحابِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَإنِّي لا أَتْرُكُ بعْدِي أعزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرِ نَفْسِ رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وإنَّ علَيَّ دَيْناً فَاقْضِ ، واسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْراً : فأَصْبَحْنَا ، فَكَانَ أوَّل قَتِيلٍ ، ودَفَنْتُ مَعهُ آخَرَ في قَبْرِهِ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نفسي أنْ أتْرُكهُ مع آخَرَ ، فَاسْتَخْرَجته بعْدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ ، فَإذا هُو كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْر أُذُنِهِ ، فَجَعَلتُهُ في قَبْرٍ عَلى حٍدَةٍ . رواه البخاري .
1508- وَعَنْ أنَسٍ رضي اللَّه عَنْهُ أنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أصْحابِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خَرَجا مِنْ عِنْدِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةَ ومَعهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَينِ بيْنَ أيديهِما ، فَلَمَّا افتَرَقَا ، صارَ مَعَ كلِّ واحِدٍ مِنهما وَاحِدٌ حَتى أتَى أهْلَهُ .
 رواه البخاري مِنْ طرُقٍ ، وفي بعْضِها أنَّ الرَّجُلَيْنِ أُسيْدُ بنُ حُضيرٍُ ، وعبَّادُ بنُ بِشْرٍ رضي اللَّه عَنْهُما .
 1509- وعنْ أبي هُرَيْرةَ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قَال : بَعثَ رَسُولُ اللِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَشَرَةَ رهْطٍ عَيْناً سَريَّةً ، وأمَّرَ عليْهِم عَاصِمَ بنَ ثابِتٍ الأنصاريَّ ، رضي اللَّه عنْهُ ، فَانطَلَقُوا حتَّى إذا كانُوا بالهَدْاةِ ، بيْنَ عُسْفانَ ومكَّةَ ، ذُكِرُوا لَحِيِّ منْ هُذَيْلٍ يُقالُ لهُمْ : بنُوا لِحيَانَ ، فَنَفَرُوا لهمْ بقَريب منْ مِائِةِ رجُلٍ رَامٍ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ ، فَلَمَّا أحَسَّ بهِمْ عاصِمٌ ؤَأصحابُهُ ، لجَأوا إلى مَوْضِعٍ ، فَأحاطَ بهمُ القَوْمُ ، فَقَالُوا انْزلوا ، فَأَعْطُوا بأيْدِيكُمْ ولكُم العَهْدُ والمِيثاقَ أنْ لا نَقْتُل مِنْكُم أحداً ، فَقَالَ عاصم بن ثابت : أيها القومُ ، أَمَّا أَنَا فلا أَنْزِلُ عَلَى ذِمةِ كَافرٍ . اللهمَّ أخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَرمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِماً ، ونَزَل إلَيْهِمْ ثَلاثَةُ نَفَرٍ على العهدِ والمِيثاقِ ، مِنْهُمْ خُبيْبٌ ، وزَيْدُ بنُ الدَّثِنِة ورَجُلٌ آخَرُ ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أطْلَقُوا أوْتَار قِسِيِّهمْ ، فرَبطُوهُمْ بِها ، قَال الرَّجلُ الثَّالِثُ : هذا أوَّلُ الغَدْرِ واللَّهِ لا أصحبُكمْ إنَّ لي بهؤلاءِ أُسْوةً ، يُريدُ القَتْلى ، فَجرُّوهُ وعالجوه ، فَأبي أنْ يَصْحبَهُمْ ، فَقَتَلُوهُ ، وانْطَلَقُوا بخُبَيْبٍ ، وَزيْدِ بنِ الدَّثِنَةِ ، حتى بَاعُوهُما بمكَّةَ بَعْد وَقْعةِ بدرٍ ، فَابتَاعَ بَنُو الحارِثِ ابنِ عامِرِ بن نوْفَلِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ خُبَيْباً ، وكانَ خُبَيبُ هُوَ قَتَل الحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ ، فلَبِثَ خُبيْبٌ عِنْدهُم أسِيراً حَتى أجْمَعُوا على قَتْلِهِ ، فَاسْتَعارَ مِنْ بعْضِ بنَاتِ الحارِثِ مُوسَى يَسْتحِدُّ بهَا فَأَعَارَتْهُ ، فَدَرَجَ بُنَيُّ لهَا وَهِي غَافِلةٌ حَتى أَتَاهُ ، فَوَجَدْتُه مُجْلِسَهُ عَلى فَخذِهِ وَالمُوسَى بِيده ، فَفَزِعتْ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ ، فَقَال : أتَخْشيْنَ أن أقْتُلَهُ ما كُنْتُ لأفْعل ذلكَ ، قَالَتْ : وَاللَّهِ ما رأيْتُ أسِيراً خَيْراً مِنْ خُبيبٍ ، فواللَّهِ لَقَدْ وَجدْتُهُ يوْماً يأَكُلُ قِطْفاً مِنْ  عِنبٍ في يدِهِ ، وإنَّهُ لمُوثَقٌ بِالحديدِ وَما بمَكَّةَ مِنْ ثمَرَةٍ ، وَكَانَتْ تقُولُ: إنَّهُ لَرزقٌ رَزقَهُ اللَّه خُبَيباً ، فَلَمَّا خَرجُوا بِهِ مِنَ الحَرمِ لِيقْتُلُوهُ في الحِلِّ ، قَال لهُم خُبيبُ : دعُوني أُصلي ركعتَيْنِ ، فتَرَكُوهُ ، فَركعَ رَكْعَتَيْنِ، فقالَ : واللَّهِ لَوْلا أنْ تَحسَبُوا أنَّ مابي جزَعٌ لَزِدْتُ : اللَّهُمَّ أحْصِهمْ عدداً ، واقْتُلهمْ بَدَداً ، ولا تُبْقِ مِنْهُم أحداً . وقال:
فلَسْتُ أُبالي حينَ أُقْتلُ مُسْلِماً         على أيِّ جنْبٍ كَانَ للَّهِ مصْرعِي
وذلِكَ في ذَاتِ الإلَهِ وإنْ يشَأْ         يُبَارِكْ عَلَى أوْصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ  
 وكانَ خُبيْبٌ هُو سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صبْراً الصَّلاةَ وأخْبَر ­ يعني النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . أصْحَابهُ يوْمَ أُصِيبُوا خبرهُمْ ، وبعَثَ نَاسٌ مِنْ قُريْشٍ إلى عاصِم بن ثابتٍ حينَ حُدِّثُوا أنَّهُ قُتِل أنْ يُؤْتَوا بشَيءٍ مِنْهُ يُعْرفُ . وكَانَ قتَل رَجُلاً مِنْ عُظَمائِهِمْ ، فبَعثَ اللَّه لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ ، فَلَمْ يقْدِرُوا أنْ يَقْطَعُوا مِنهُ شَيْئاً . رواه البخاري .
         قولُهُ : الهَدْاَةُ : مَوْضِعٌ ، وَالظُّلَّةُ : السحاب ، والدَّبْرُ : النَّحْلُ . وقَوْلُهُ : « اقْتُلْهُمْ بِدَداً » بِكسرِ الباءِ وفتحهَا ، فمن كسر ، قال هو جمعٍ بِدَّةٍ بكسر الباءِ ، وهو النصِيب ، ومعناه اقْتُلْهُـمْ حِصَصاً مُنْقَسِمَةً لِكلِّ واحِدٍ مِنْهُمْ نصيبٌ ، ومن فَتَح ، قَالَ : مَعْنَاهُ : مُتَفَرِّقِينَ في القَتْلِ واحِداً بَعْدَ وَاحِد مِنَ التّبْدِيدِ .
 وفي الباب أحاديثٌ كَثِيرَةٌ صحِيحَةُ سبقت في مواضِعها مِنْ هذا الكتاب مِنها حديثُ الغُلام الذي كانَ يأتي الرَّاهِبَ والسَّاحِرَ ومِنْهَا حَديثُ جُرَيجٍ ، وحديثُ أصحَابِ الغار الذين أَطْبقَتْ علَيْهمُ الصَّخْرةُ ، وحديثُ الرَّجُلِ الذي سَمِعَ صَوتاً في السَّحاب يقولُ : اسْقِ حدِيقة فلانٍ ، وغيرُ ذلك والدَّلائِلُ في الباب كثيرةٌ مَشْهُورةٌ ، وبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .
1510- وعَن ابْنِ عُمر رضي اللَّه عنْهُما قال : ما سمِعْتُ عُمرَ رضي اللَّه عنْهُ يَقُولُ لِشَيءٍ قطُّ : إنِّي لأظُنَّهُ كَذا إلاَّ كَانَ كَمَا يَظُنُّ ، رواهُ البُخَاري .

كتاب الأمور المنهي عنها  
254- باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان
قال اللَّه تعالى:  { ولا يغتب بعضكم بعضاً، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه! واتقوا اللَّه إن اللَّه تواب رحيم } .
وقال تعالى:{ ولا تقف ما ليس لك به علم؛ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً } .
وقال تعالى:  { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } .
اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه وذلك كثير في العادة والسلامة لا يعدلها شيء.
1511- وَعنْ أبي هُريْرَةَ رضي اللَّه عنْهُ عَنِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  قَالَ : « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَليقُلْ خَيْراً ، أوْ ليَصْمُتْ » متفقٌ عليه .
وَهذا الحَديثُ صَرِيحٌ في أَنَّهُ يَنْبغي أن لا يتَكَلَّم إلاَّ إذا كَان الكَلامُ خَيْراً ، وَهُو الَّذي ظَهَرَتْ مصْلحَتُهُ ، وَمَتى شَكَّ في ظُهُورِ المَصْلَحةِ ، فَلا يَتَكَلَّمُ .
1512- وعَنْ أبي مُوسَى رضي اللَّه عَنْهُ قَال : قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ أيُّ المُسْلِمِينَ أفْضَلُ؟ قال : « مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ » . متفق عليه .
1513- وَعَنْ سَهْلِ بنِ سعْدٍ قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ يَضْمَنْ لي ما بيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بيْنَ رِجْلَيْهِ أضْمنْ لهُ الجَنَّة » . متفقٌ عليهِ .
1514- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ : إنَّ الْعَبْد لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مَا يَتَبيَّنُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إلى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بيْنَ المشْرِقِ والمغْرِبِ » . متفقٌ عليهِ .
ومعنى : « يَتَبَيَّنُ » يَتَفَكَّرُ أنَّهَا خَيْرٌ أمْ لا .
1515- وَعَنْهُ عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بالاً يهِوي بهَا في جَهَنَّم » رواه البخاري .
1516- وعَنْ أبي عَبْدِ الرَّحمنِ بِلال بنِ الحارثِ المُزنيِّ رضي اللَّه  عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  قالَ : « إنَّ الرَّجُلَ ليَتَكَلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوانِ اللَّهِ تَعالى ما كَانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلُغَ مَا بلَغَتْ يكْتُبُ اللَّه اللَّه بهَا رِضْوَانَهُ إلى يَوْمِ يلْقَاهُ ، وَإنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمةِ مِنْ سَخَطِ اللَّه مَا كَانَ يظُنُّ أن تَبْلُغَ ما بلَغَتْ يكْتُبُ اللَّه لَهُ بهَا سَخَطَهُ إلى يَوْمِ يلْقَاهُ ».رواهُ مالك في « المُوطَّإِ » والترمذي وقال :حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1517- وعَنْ سُفْيان بنِ عبْدِ اللَّهِ رضي اللَّه عنْهُ قَال : قُلْتُ يا رسُولَ اللَّهِ حَدِّثني بأمْرٍ أعْتَصِمُ بِهِ قالَ : « قُلْ ربِّي اللَّه ، ثُمَّ اسْتَقِمْ » قُلْتُ : يا رسُول اللَّهِ ما أَخْوفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ ؟ فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ، ثُمَّ قَال : « هذا » . رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1518- وَعَن ابنِ عُمَر رضي اللَّه عنْهُمَا قَالَ : قَالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تُكْثِرُوا الكَلامَ بغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ ، فَإنَّ كَثْرَة الكَلامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّه تَعالَى قَسْوةٌ لِلْقَلْبِ ، وإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ القَلبُ القَاسي » . رواه الترمذي .
1519- وعنْ أبي هُريرَة رضي اللَّه عَنهُ قَالَ : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ وَقَاهُ اللَّه شَرَّ مَا بيْنَ لَحْييْهِ ، وشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الجنَّةَ » رَوَاه التِّرمِذي وقال : حديث حسنٌ.
1520- وَعَنْ عُقْبةَ بنِ عامِرٍ رضي اللَّه عنْهُ قَالَ : قُلْتُ يا رَسول اللَّهِ مَا النَّجاةُ ؟ قَال : « أمْسِكْ عَلَيْكَ لِسانَكَ ، وَلْيَسَعْكَ بيْتُكَ ، وابْكِ على خَطِيئَتِكَ » رواه الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ .
1521- وعن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي اللَّه عَنْهُ عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « إذا أَصْبح ابْنُ آدم ، فَإنَّ الأعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسانَ ، تَقُولُ : اتِّقِ اللَّه فينَا ، فَإنَّما نحنُ بِكًَ : فَإنِ اسْتَقَمْتَ اسَتقَمْنا وإنِ اعْوججت اعْوَججْنَا » رواه الترمذي .
معنى « تُكَفِّرُ اللِّسَان » : أَي تَذِلُّ وتَخْضعُ لَهُ .
 1522- وعنْ مُعاذ رضي اللَّه عنهُ قال : قُلْتُ يا رسُول اللَّهِ أخبرني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجَنَّة ، ويُبَاعِدُني عن النَّارِ ؟ قَال : « لَقدْ سَأَلْتَ عنْ عَظِيمٍ ، وإنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلى منْ يَسَّرَهُ اللَّه تَعَالى علَيهِ : تَعْبُد اللَّه لا تُشْركُ بِهِ شَيْئاً ، وتُقِيمُ الصَّلاةَ ، وتُؤتي الزَّكَاةَ ، وتصُومُ رمضَانَ وتَحُجُّ البَيْتَ إن استطعت إِلَيْهِ سَبِيْلاً، ثُمَّ قَال : « ألا أدُلُّك عَلى أبْوابِ الخَيْرِ ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ . ،َالصَّدَقةٌ تطْفِيءُ الخَطِيئة كما يُطْفِيءُ المَاءُ النَّار ، وصلاةُ الرَّجُلِ منْ جوْفِ اللَّيْلِ » ثُمَّ تَلا : {تتجافى جُنُوبهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ }  حتَّى بلَغَ { يعْمَلُونَ }  [ السجدة : 16 ] . ثُمَّ قال: « ألا أُخْبِرُكَ بِرَأسِ الأمْرِ ، وعمودِهِ ، وذِرْوةِ سَنامِهِ » قُلتُ : بَلى يا رسول اللَّهِ : قَالَ : « رأْسُ الأمْرِ الإسْلامُ ، وعَمُودُهُ الصَّلاةُ . وذروةُ سنامِهِ الجِهَادُ » ثُمَّ قال : « ألا أُخْبِرُكَ بـِمِلاكِ ذلكَ كله ؟» قُلْتُ : بَلى يا رسُولَ اللَّهِ . فَأَخذَ بِلِسَانِهِ قالَ : « كُفَّ علَيْكَ هذا » قُلْتُ: يا رسُولَ اللَّهِ وإنَّا لمُؤَاخَذون بمَا نَتَكلَّمُ بِهِ ؟ فقَال : ثَكِلتْكَ أُمُّكَ ، وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وَجُوهِهِم إلاَّ حصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ ؟ » .رواه الترمذي وقال : حدِيثٌ حسنٌ صحيحٌ ، وقد سبق شرحه .
1523- وعنْ أبي هُرَيرةَ رضي اللَّه عنهُ أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « أَتَدْرُونَ ما الغِيبةُ؟» قَالُوا : اللَّه ورسُولُهُ أَعْلَمُ . قال : « ذِكرُكَ أَخَاكَ بما يكْرَهُ » قِيل : أَفرأيْتَ إن كان في أخِي ما أَقُولُ ؟ قَالَ : « إنْ كانَ فِيهِ ما تقُولُ فَقَدِ اغْتَبْته ، وإنْ لَمْ يكُن فِيهِ ما تَقُولُ فَقَدْ بهتَّهُ » رواه مسلم .
1524- وعنْ أبي بكْرةَ رضي اللَّه عنْهُ أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال في خُطْبتِهِ يوْم النَّحر بِمنىً في حجَّةِ الودَاعِ : « إنَّ دِماءَكُم ، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هذا ، في شهرِكُمْ هذا ، في بلَدِكُم هذا ، ألا هَلْ بلَّغْت » متفقٌ عليه .
1525- وعنْ عائِشة رضِي اللَّه عنْها قَالَتْ : قُلْتُ للنبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حسْبُك مِنْ صفِيَّة كذا وكَذَا قَال بعْضُ الرُّواةِ : تعْني قَصِيرةٌ ، فقال : « لقَدْ قُلْتِ كَلِمةً لو مُزجتّ بماءِ البحْر لمَزَجتْه ، » قَالَتْ : وحكَيْتُ له إنساناً فقال : « ما أحِبُّ أني حكَيْتُ إنْساناً وإنَّ لي كذا وَكَذَا » رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .  
ومعنى : « مزَجَتْهُ » خَالطته مُخَالَطة يَتغَيَّرُ بهَا طَعْمُهُ ، أوْ رِيحُهُ لِشِدةِ نتنها وقبحها ، وهَذا مِنْ أبلغَ الزَّواجِرِ عنِ الغِيبَةِ ، قَال اللَّهُ تَعالى :  { وما ينْطِقُ عنِ الهَوى ، إن هُوَ إلا وحْيٌّ يوحَى } [ النجم : 4 ] .
1526- وَعَنْ أنَسٍ رضي اللَّه عنهُ قالَ : قَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لمَّا عُرِجَ بي مررْتُ بِقَوْمٍ لهُمْ أظْفَارٌ مِن نُحاسٍ يَخمِشُونَ بهَا وجُوهَهُمُ وَصُدُورَهُم ، فَقُلْتُ : منْ هؤلاءِ يَا جِبْرِيل ؟ قَال : هؤلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُوم النَّاسِ ، ويَقَعُون في أعْراضِهمْ ، » رواهُ أبو داود.
1527- وعن أبي هُريْرة رضي اللَّه عنْهُ أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « كُلُّ المُسلِمِ عَلى المُسْلِمِ حرَامٌ : دَمُهُ وعِرْضُهُ وَمَالُهُ » رواهُ مسلم .
255- باب تحريم سماع الغيبة
وأمر من سمع غيبة محرَّمة بردِّها ، والإِنكار على قائلها
فإن عجز أو لم يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه
قال اللَّه تعالى:  { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه } .
وقال تعالى:  { والذين هم عن اللغو معرضون } .
وقال تعالى:  { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً } .
وقال تعالى:  { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } .
1528- وعنْ أبي الدَّرْداءِ رضي اللَّه عَنْهُ عنِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « منْ ردَّ عَنْ عِرْضِ أخيهِ، ردَّ اللَّه عنْ وجْههِ النَّارَ يوْمَ القِيَامَةِ » رواه الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ .
 1529- وعنْ عِتْبَانَ بنِ مالِكٍ رضي اللَّهُ عنْهُ في حدِيثِهِ الطَّويلِ المشْهورِ الَّذي تقدَّم في باب الرَّجاءِ قَالَ : قامَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  يُصلِّي فَقال : « أيْنَ مالِكُ بنُ الدُّخْشُمِ ؟ » فَقَال رجل: ذلكَ مُنافِقٌ لا يُحِبُّ اللَّه ورسُولَهُ ، فَقَال النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تقُلْ ذلكَ ، ألا تَراه قد قَال : لا إلهَ إلاَّ اللًه يُريدُ بذلك وجْه اللَّه ، وإن اللَّه قدْ حَرَّمَ على النَّارِ منْ قال : لا إله إلاَّ اللَّه يبْتَغِي بِذلكَ وجْهَ اللَّه » متفقٌ عليه .
« وعِتبانُ » بكسر العين على المشهور ، وحُكِي ضمُّها ، وبعدها تاء مثناةٌ مِنْ فوق ، ثُمَّ باء موحدةٌ . و « الدُّخْشُمُ » بضم الدال وإسكان الخاءِ وضمِّ الشين المعجمتين .
 1530- وعَنْ كعْبِ بنِ مالكٍ رضي اللَّه عَنْهُ في حدِيثِهِ الطَّويلِ في قصَّةِ توْبَتِهِ وقد سبقَ في باب التَّوْبةِ . قال : قال النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وهُو جَالِسٌ في القَوْم بِتبُوكَ : « ما فعل كَعْبُ بنُ مالك ؟ » فقالَ رجُلٌ مِنْ بَني سلِمَةَ : يا رسُولَ اللَّه حبسهُ بُرْداهُ ، والنَّظَرُ في عِطْفيْهِ . فقَال لَهُ معاذُ بنُ جبلٍ رضي اللَّه عنْه : بِئس ما قُلْتَ ، واللَّهِ يا رسُولَ اللَّهِ ما عَلِمْنا علَيْهِ إلاَّ خيْراً ، فَسكَتَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .متفق عليه .
« عِطْفَاهُ » جانِباهُ ، وهو إشارةٌ إلى إعجابه بنفسهِ .
256- باب بيان ما يُباح من الغيبة
اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو ستة أسباب:
الأول التظلم فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: ظلمني فلان بكذا.
الثاني الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حراماً.
الثالث الاستفتاء، فيقول للمفتي: ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا فهل له ذلك؟ وما طريقي في الخلاص منه وتحصيل حقي ودفع الظلم؟ ونحو ذلك فهذا جائز للحاجة، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول: ما تقول في رجل أو شخص أو زوج كان من أمره كذا؟ فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع ذلك فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث هند (انظر الحديث رقم 1532) إن شاء اللَّه تعالى.
الرابع تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم، وذلك من وجوه؛ منها جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين بل واجب للحاجة. ومنها المشاورة في مصاهرة إنسان أو مشاركته أو إيداعه أو معاملته أو غير ذلك أو مجاورته، ويجب على المشاوَر أن لا يخفي حاله بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة. ومنها إذا رأى متفقهاً يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك، فعليه نصيحته ببيان حاله بشرط أن يقصد النصيحة، وهذا مما يُغلط فيه، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد ويلبِّس الشيطان عليه ذلك ويخيل إليه أنه نصيحة فليُتَفطن لذلك. ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها، إما بأن لا يكون صالحاً لها، وإما بأن يكون فاسقاً أو مغفلاً ونحو ذلك، فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ليزيله ويولي من يصلح، أو يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله ولا يغتر به، وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة أو يستبدل به.
الخامس أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة الناس وأخذ المكس وجباية الأموال ظلماً وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه.
السادس التعريف، فإذا كان الإنسان معروفاً بلقب كالأعمش والأعرج والأصم والأعمى والأحول وغيرهم جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على جهة التنقص، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك كان أولى.
فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليه. ودلائلها من الأحاديث الصحيحة المشهورة؛ فمن ذلك:
 1531- عَنْ عَائِشَةَ رضي اللَّه عَنْهَا أن رَجُلاً استأْذَن عَلى النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  فقَالَ : « ائذَنُوا لهُ، بئس أخو العشِيرَةِ ؟ » متفقٌ عليه .
احْتَجَّ بهِ البخاري في جَوازِ غيبةِ أهلِ الفسادِ وأهلِ الرِّيبِ .
 1532- وعنْهَا قَالَتْ : قَالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَا أَظُن فُلاناً وفُلاناً يعرِفَانِ مِنْ ديننا شَيْئاً » رواه البخاريُّ . قال الليثُ بنُ سعْدٍ أحدُ رُواةِ هذا الحَدِيثِ : هذَانِ الرَّجُلانِ كَانَا مِنَ المُنَافِقِينَ .
 1533- وعنْ فَاطِمةَ بنْتِ قَيْسٍ رضي اللَّه عَنْها قَالَتْ : أَتيْتُ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فقلت : إنَّ أبا الجَهْمِ ومُعاوِيةَ خَطباني ؟ فقال رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أمَّا مُعَاوِيةُ ، فَصُعْلُوكٌ لا مالَ له ، وأمَّا أبو الجَهْمِ فلا يضَعُ العَصا عنْ عاتِقِهِ » متفقٌ عليه .
وفي روايةٍ لمسلمٍ : « وأمَّا أبُو الجَهْمِ فضَرَّابُ للنِّساءِ » وهو تفسير لرواية : « لا يَضَعُ العَصا عَنْ عاتِقِهِ » وقيل : معناه : كثيرُ الأسفارِ .
 1534- وعن زيْد بنِ أرْقَمَ رضي اللَّه عنهُ قال : خَرجْنَا مع رسولِ اللِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في سفَرٍ أصاب النَّاس فيهِ شِدةٌ ، فقال عبدُ اللَّه بنُ أبي : لا تُنْفِقُوا على منْ عِنْد رسُولِ اللَّه حتى ينْفَضُّوا وقال : لَئِنْ رجعْنَا إلى المدِينَةِ ليُخرِجنَّ الأعزُّ مِنْها الأذَلَّ ، فَأَتَيْتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَأَخْبرْتُهُ بِذلكَ ، فأرسلَ إلى عبد اللَّه بن أبي فَاجْتَهَد يمِينَهُ : ما فَعَل ، فقالوا : كَذَب زيدٌ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَوقَع في نَفْسِي مِمَّا قالوهُ شِدَّةٌ حتى أنْزَل اللَّه تعالى تَصْدِيقي: { إذا جاءَك المُنَافِقُون }  ثم دعاهم النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، لِيَسْتغْفِرَ لهم فلَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ . متفقٌ عليه .
1535- وعنْ عائشةَ رضي اللَّه عنها قالتْ : قالت هِنْدُ امْرأَةُ أبي سُفْيانَ للنبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : إنَّ أبا سُفيانَ رجُلٌ شَحِيحُ ولَيْس يُعْطِيني ما يَكْفِيني وولَدِي إلاَّ ما أخَذْتُ مِنه ، وهَو لا يعْلَمُ ؟ قال : « خُذِي ما يكْفِيكِ ووَلَدَكِ بالمعْرُوفِ » متفقٌ عليه .
257- باب تحريم النميمة
وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإِفساد
قال اللَّه تعالى:{ هماز مشاء بنميم } .
وقال تعالى: { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }.
1536- وعَنْ حذَيْفَةَ رضي اللَّه عنهُ قالَ : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يَدْخُلُ الجنةَ نمَّامٌ» متفقٌ عليه .
1537- وعَنْ ابن عَباسٍ رضي اللَّه عَنْهُمَا أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : مرَّ بِقَبريْنِ فقال : «إنَّهُمَا يُعَذَّبان ، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ ، بَلى إنَّهُ كَبيرٌ : أمَّا أحَدُهمَا ، فَكَانَ يمشِي بالنَّمِيمَةِ، وأمَّا الآخرُ فَكَانَ لا يسْتَتِرُ مِنْ بولِه » .
متفقٌ عليه ، وهذا لفظ إحدى روايات البخاري .
 قالَ العُلَماءُ : معْنَى: «وما يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ» أيْ كبير في زَعْمِهما وقيلَ: كَبِيرٌ تَرْكُهُ عَلَيهما.
 1538- وعن ابن مسْعُودٍ رضي اللَّه عنْهُ أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « ألا أُنَبِّئكُم ما العَضْهُ ؟ هي النَّمِيمةُ ، القَالَةُ بيْنَ النَّاسِ » رواه مسلم .
 « العَضْهُ » : بفَتْح العين المُهْمَلَةِ ، وإسْكان الضَّادِ المُعْجَمَةِ ، وبالهاءِ على وزنِ الوجهِ، ورُوي : « العِضَةُ » بِكسْرِ العَيْنِ و فَتْحِ الضَّادِ المُعْجَمَةِ عَلى وَزْنِ العِدَةِ ، وهِي : الكذِبُ والبُهتانُ ، وعَلى الرِّواية الأولى : العَضْهُ مصدرٌ ، يقال : عَضَهَهُ عَضْهاً ، أي : رماهُ بالعَضْهِ .
258- باب النهي عن نَقْل الحديثِ وكلام الناس
إلى ولاة الأمورِ إذا لم تدْعُ إليه حاجةٌ كَخَوفِ مفسدةٍ ونحوها
قال اللَّه تعالى: { ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } .
وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله.
1539- وعن ابن مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنهُ قالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يُبَلِّغْني أحدٌ من أصْحابي عنْ أحَدٍ شَيْئاً ، فَإنِّي أُحِبُّ أنْ أَخْرُجَ إِليْكُمْ وأنا سليمُ الصَّدْرِ »  رواه أبو داود والترمذي  .
259- باب ذم ذي الوجهين
قال اللَّه تعالى:  { يستخفون من الناس ولا يستخفون من اللَّه وهو معهم، إذ يبيتون ما لا يرضى من القول، وكان اللَّه بما يعملون محيطاً }  الآيتين.
1540- وعن أبي هُريرةًَ رضي اللَّه عَنْهُ قالَ : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « تَجدُونَ النَّاسَ معادِنَ : خِيارُهُم في الجاهِليَّةِ خيارُهُم في الإسْلامِ إذا فَقُهُوا ، وتجدُونَ خِيارَ النَّاسِ في هذا الشَّأنِ أشدَّهُمْ لهُ كَراهِيةً ، وتَجدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذا الوجْهيْنِ ، الذي يأتي هؤلاءِ بِوجْهِ وَهؤلاءِ بِوَجْهِ » متفقٌ عليه .
1541- وعنْ محمدِ بن زَيْدٍ أنَّ نَاسًا قَالُوا لجَدِّهِ عبدِ اللَّه بنِ عُمْرو رضي اللَّه عنْهما : إنَّا نَدْخُلُ عَلَى سَلاطِيننا فنقولُ لهُمْ بِخلافِ ما نتكلَّمُ إذَا خَرَجْنَا مِنْ عِندِهِمْ قال : كُنًا نعُدُّ هذا نِفَاقاً عَلى عَهْدِ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . رواه البخاري .
260- باب تحريم الكذب
قال اللَّه تعالى:  { ولا تقف ما ليس لك به علم } .
وقال تعالى: { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } .
1542- وعنْ ابنِ مسعود رضي اللَّه عنْهُ قال : قالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إنًَّ الصِّدْقَ يهْدِي إلى الْبِرِّ وَإنَّ البرِّ يهْدِي إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الرَّجُل ليَصْدُقُ حتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدّيقاً، وإنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ وإنَّ الفُجُورًَ يهْدِي إلى النارِ ، وإن الرجلَ ليكذبَ حَتى يُكْتبَ عنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً » متفقٌ عليه .
 1543- وعن عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرو بنِ العاص رضي اللَّه عنْهُما ، أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : «أَرْبعٌ منْ كُنَّ فِيهِ ، كان مُنافِقاً خالِصاً ، ومنْ كَانتْ فيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ ، كَانتْ فِيهِ خَصْلةٌ مِنْ نِفاقٍ حتَّى يَدعَهَا : إذا اؤتُمِنَ خَانَ ، وَإذا حدَّثَ كَذَبَ ، وإذا عاهَدَ غَدَرَ ، وإذا خَاصمَ فجَرَ » متفقٌ عليه .
 وقد سبقَ بيانه مع حديثِ أبي هُرَيْرَةَ بنحوهِ في « باب الوفاءِ بالعهد » .
 1544- وعن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنْهُما عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قالَ : « مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لمْ يرَهُ ، كُلِّفَ أنْ يَعْقِدَ بيْن شَعِيرتينِ ، ولَنْ يفْعَلَ ، ومِنِ اسْتَمَع إلى حديثِ قَوْم وهُمْ لهُ كارِهُونَ، صُبَّ في أُذُنَيْهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيامَةِ ، ومَنْ صوَّر صُورةً ، عُذِّبَ وَكُلِّفَ أنْ ينفُخَ فيها الرُّوحَ وَليْس بِنافخٍ » رواه البخاري .
  « تَحلَّم » أي : قالَ أنهُ حَلم في نَوْمِهِ ورَأى كَذا وكَذا ، وهو كاذبٌ و « الآنك » بالمدِّ وضمِّ النونِ وتخفيفِ الكاف : وهو الرَّصَاصُ المذابُ .
 1545- وعن ابنِ عُمرَ رضي اللَّه عنْهُما قالَ : قال النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أفْرَى الفِرَى أنْ يُرِيَ الرجُلُ عيْنَيْهِ ما لَمْ تَرَيا » .
 رواهُ البخاري . ومعناه : يقولُ : رأيتُ فيما لم يره .
 1546- وعن سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ رضي اللَّه عَنْهُ قالَ : كانَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مِما يُكْثِرُ أنْ يقولَ لأصحابهِ : « هَلْ رَأَى أحدٌّ مِنكُمْ مِن رؤيا؟» فيقُصُّ عليهِ منْ شَاءَ اللَّه أنْ يقُصَّ .  وَإنَّهُ قال لنا ذات غَدَاةٍ : « إنَّهُ أتَاني اللَّيْلَةَ آتيانِ ، وإنَّهُما قالا لي : انطَلقْ ، وإنِّي انْطلَقْتُ معهُما ، وإنَّا أتَيْنَا عَلى رجُلٍ مُضْطَجِعٌ ، وإِذَا آَخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ ، وإِذَا هُوَ يَهْوي بالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ ، فَيثْلَغُ رَأْسهُ ، فَيَتَدَهْدهُُ الحَجَرُ هَاهُنَا . فيتبعُ الحَجَرَ فيأْخُـذُهُ ، فلا يَرجِعُ إلَيْه حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كما كان ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ ، فَيفْعلُ بهِ مِثْلَ ما فَعَل المَرَّةَ الأولى،» قال : قلتُ لهما : سُبْحانَ اللَّهِ ، ما هذانِ ؟ قالا لي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنا.  فأَتيْنَا عَلى رَجُل مُسْتَلْقٍ لقَفَاه وَإذا آخَرُ قائمٌ عليهِ بكَلُّوبٍ مِنْ حَديدٍ ، وإذا هُوَ يَأْتى أحَد شِقَّيْ وَجْهِهِ فيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إلى قَفاهُ ، ومنْخِرهُ إلى قَفَاهُ ، وَعينَهُ إلى قَفاهُ ، ثُمَّ يتَحوَّل إلى الجانبِ الآخرِ فَيَفْعَل بهِ مثْلَ ما فعلًَ بالجانب الأول ، فَما يَفْرُغُ مِنْ ذلكَ الجانب حتَّى يصِحَّ ذلكَ الجانِبُ كما كانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عليْهِ ، فَيَفْعَل مِثْلَ ما فَعلَ في المَرَّةِ الأولى . قال : قلتُ: سُبْحَانَ اللَّه ، ما هذان ؟ قالا لي : انْطلِقْ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْنَا .  فَأتَيْنا عَلى مِثْل التَّنُّورِ فَأَحْسِبُ أنهُ قال : فإذا فيهِ لَغَطٌ ، وأصْواتٌ ، فَاطَّلَعْنا فيهِ فَإِذَا فِيهِ رجالٌ ونِساء عُرَاةٌ ، وإذا هُمْ يأتِيهمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفلِ مِنْهُمْ ، فإذا أتَاهُمْ ذلكَ اللَّهَبُ ضَوْضَؤُوا ، قلتُ ما هؤلاءِ ؟ قالا لي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ ،فَانْطَلقْنَا.  فَأَتيْنَا على نهرٍ حسِبْتُ أَنهُ كانَ يقُولُ : « أَحْمرُ مِثْلُ الدًَّمِ ، وإذا في النَّهْرِ رَجُلٌ سابِحٌ يَسْبحُ ، وَإذا على شَطِّ النَّهْرِ رجُلٌ قَد جَمَعَ عِندَهُ حِجارةً كَثِيرَة ، وإذا ذلكَ السَّابِحُ يسبح ما يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأتيْ ذلكَ الذي قَدْ جمَعَ عِنْدهُ الحِجارةًَ ، فَيَفْغَرُ لهَ فاهُ ، فَيُلْقِمُهُ حجراً ، فَيَنْطَلِقُ فَيَسْبَحُ ، ثُمًَّ يَرْجِعُ إليهِ ، كُلَّمَا رجع إليْهِ ، فَغَر فاهُ لهُ ، فَألْقمهُ حَجَراً ، قلت لهما : ما هذانِ ؟ قالا لي : انْطلِقْ انطلِق ، فانْطَلَقنا . فَأَتَيْنَا على رَجُلٍ كرِيِه المَرْآةِ ، أوْ كأَكرَهِ ما أنت رَاءٍ رجُلاً مَرْأَى ، فإذا هو عِندَه نارٌ يحشُّها وَيسْعى حَوْلَهَا ، قلتُ لهما : ما هذا ؟ قالا لي : انْطَلِقْ انْطلِقْ ، فَانْطَلقنا .  فَأتَينا على روْضةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيها مِنْ كلِّ نَوْرِ الرَّبيعِ ، وإذا بيْنَ ظهْرِي الرَّوضَةِ رَجلٌ طويلٌ لا أكادُ أرى رأسَهُ طُولاً في السَّماءِ ، وإذا حوْلَ الرجلِ منْ أكثر ولدان ما رَأَيْتُهُمْ قطُّ ، قُلتُ: ما هذا ؟ وما هؤلاءِ ؟ قالا لي : انطَلقْ انْطَلِقْ فَاَنْطَلقنا . فَأتيْنَا إلى دَوْحةٍ عظِيمَة لَمْ أر دَوْحةً قطُّ أعظمَ مِنها ، ولا أحْسنَ ، قالا لي : ارْقَ فيها، فَارتَقينا فيها ، إلى مدِينةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنٍ ذَهبٍ ولبنٍ فضَّةٍ ، فأتَينَا باب المَدينة فَاسْتفتَحْنَا، فَفُتحَ لَنا، فَدَخَلناهَا ، فَتَلَقَّانَا رجالٌ شَطْرٌ مِن خَلْقِهِم كأحْسنِ ما أنت راءٍ ، وشَطرٌ مِنهم كأَقْبحِ ما أنتَ راءِ ، قالا لهم : اذهبوا فقَعُوا في ذلك النًّهْر ، وإذا هُوَ نَهرٌ معتَرِضٌ يجْرِي كأن ماءَهُ المحضُ في البياض ، فذَهبُوا فوقعُوا فيه ، ثُمَّ رجعُوا إلينا قد ذَهَب ذلكَ السُّوءُ عَنهمْ ، فَصارُوا في أحسن صُورةٍ .قال : قالا لي : هذه جَنَّةُ عدْن ، وهذاك منزلُكَ ، فسمَا بصَرِي صُعداً ، فإذا قصر مِثلُ الرَّبابة البيضاءِ . قالا لي : هذاك منزِلُكَ . قلتُ لهما : بارك اللَّه فيكُما، فَذراني فأدخُلْه . قالا : أما الآن فلا ، وأنتَ داخلُهُ .   قلت لهُما : فَإنِّي رأَيتُ مُنْذُ اللَّيلة عجباً ؟ فما هذا الذي رأيت ؟ قالا لي : إنَا سَنخبِرُك. أمَّا الرجُلُ الأوَّلُ الذي أتَيتَ عَليه يُثلَغُ رأسُهُ بالحَجَرِ ، فإنَّهُ الرَّجُلُ يأخُذُ القُرْآنَ فيرفُضُه ، وينامُ عن الصَّلاةِ الكتُوبةِ . وأمَّا الذي أتَيتَ عَليْهِ يُشرْشرُ شِدْقُه إلى قَفاهُ ، ومَنْخِرُه إلى قَفاهُ ، وعَيْنهُ إلى قفاهُ ، فإنه الرَّجُلُ يَغْدو مِنْ بَيْتِه فَيكذبُ الكذبةَ تبلُغُ الآفاقَ . وأمَّا الرِّجالُ والنِّساءُ العُراةُ الذين هُمْ في مِثل بِناءِ التَّنُّورِ ، فإنَّهم الزُّناةُ والزَّواني . وأما الرجُلُ الَّذي أتَيْت عليْهِ يسْبَحُ في النَهْرِ ، ويلْقمُ الحِجارة ، فإنَّهُ آكِلُ الرِّبا. وأمَّا الرَّجُلُ الكَريهُ المَرآةِ الذي عندَ النَّارِ يَحُشُّها ويسْعى حَوْلَها فإنَّهُ مالِكُ خازنُ جَهنَّمَ. وأما الرَّجُلُ الطَّويلُ الَّذي في الرَّوْضةِ ، فإنه إبراهيم ، وأما الوِلدانُ الذينَ حوْله ، فكلُّ مُوْلود ماتَ على الفِطْرَةِ » وفي رواية البَرْقَانِي : « وُلِد على الفِطْرَةِ » . فقال بعض المسلمينَ : يا رسول اللَّه ، وأولادُ المشرِكينَ ؟ فقال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «وأولادُ المشركينَ » . وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم قوم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً تجاوز الله عنهم . رواه البخاري .
وفي رواية له : « رأيتُ اللَّيلَةَ رجُلَين أتَياني فأخْرجاني إلى أرْضِ مُقدَّسةِ » ثم ذكَره . وقال : « فانطَلَقْنَا إلى نَقبٍ مثل التنُّورِ ، أعْلاهُ ضَيِّقٌ وأسْفَلُهُ وَاسعٌ ، يَتَوَقَّدُ تَحتهُ ناراً، فإذا ارتَفَعت ارْتَفَعُوا حَتى كادُوا أنْ يَخْرُجوا ، وإذا خَمَدت ، رَجَعوا فيها ، وفيها رجالٌ ونساء عراةٌ . وفيها : حتى أتَينَا على نَهرٍ من دًَم ، ولم يشك ­ فيه رجُلٌ قائمٌ على وسط النًَّهرِ ، وعلى شطِّ النَّهر رجُلٌ ، وبيْنَ يديهِ حجارةٌ ، فأقبل الرَّجُلُ الذي في النَّهرِ ، فَإذا أراد أنْ يخْرُجَ ، رمَى الرَّجُلُ بِحجرٍ في فِيه ، فردَّهُ حيْثُ كانَ ، فجعلَ كُلَّمَا جاءَ ليخْرج جَعَلَ يَرْمي في فيه بحجرٍ ، فيرْجِعُ كما كانَ .وفيهَا : « فصعدا بي الشَّجَرةَ ، فَأدْخلاني داراً لَمْ أر قَطُّ أحْسنَ منْهَا ، فيها رجالٌ شُيُوخٌ وَشَباب » . وفِيهَا : « الَّذي رأيْتهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فكَذَّابٌ ، يُحدِّثُ بالْكذبةِ فَتُحْملُ عنْهَ حتَّى تَبْلُغَ الآفاق، فيصْنَعُ بهِ ما رأيْتَ إلى يوْم الْقِيامةِ » . وفيها : « الَّذي رأيْتهُ يُشْدَخُ رأسُهُ فرجُلُ علَّمهُ اللَّه الْقُرآنَ ، فنام عنهُ بِاللَّيْلِ ، ولَمْ يعْملْ فيه بِالنَّهَارِ ، فيُفْعلُ بِه إلى يوم الْقِيامةِ » . والدَّارُ الأولى التي دخَلْتَ دارُ عامَّةِ المُؤمنينَ ، وأمَّا هذه الدَّارُ فدَارُ الشُّهَداءِ ، وأنا جِبْريلُ ، وهذا مِيكائيلُ ، فارْفع رأسَك ، فرفعتُ رأْسي ، فإذا فوقي مِثلُ السَّحابِ ، قالا: ذاكَ منزلُكَ ، قلتُ : دَعاني أدْخُلْ منزلي ، قالا : إنَّهُ بَقي لَكَ عُمُرٌ لَم تَستكمِلْهُ ، فلَوْ اسْتَكْملته ، أتيت منْزِلَكَ » رواه البخاري .
قوله : « يَثْلَغ رَأْسهُ » وهو يالثاءِ المثلثة والغينِ المعجمة ، أي : يشدخُهُ ويَشُقُّه . قوله: « يَتَدهْده » أي : يتدحرجُ ، و « الكَلُّوبُ » بفتح الكاف ، وضم اللام المشددة ، وهو معروف . قوله : « فيُشَرشِرُ » أي : يُقَطَّعُ . قوله : « ضوْضَوؤوا » وهو بضادين معجمتين ، أي صاحوا . قوله : « فيفْغَرُ » هو بالفاءِ والغين المعجمة ، أي : يفتحُ . قوله: « المرآةِ » هو بفتح الميم ، أي : المنْظَر . قوله : « يحُشُّها » هو بفتح الياء وضم الحاءِ المهملة والشين المعجمة ، أي : يوقدها ، قوله : « روْضَةٍ مُعْتَمَّةِ » هو بضم الميم وإسكان العين وفتح التاء وتشديد الميم ، أي : وافيةِ النَّبات طويلَته . قَولُهُ : « دوْحَةٌ » وهي بفتح الدال ، وإسكان الواو وبالحاءِ المهملة : وهِي الشَّجرَةُ الْكبيرةُ ، قولُهُ : «المَحْضُ » هو بفتح الميم وإسكان الحاءِ المهملة وبالضَّاد المعجمة : وهُوَ اللَّبَنُ . قولُهُ : «فَسَما بصرِي » أي : ارْتَفَعَ . « وَصُعُداً » : بضم الصاد والعين : أيْ : مُرْتَفِعاً . «وَالرَّبابةُ » : بفتح الراءِ وبالباءِ الموحدة مُكررة ، وهي السَّحابة .
261- باب بيان ما يجوز من الكذب
           إْعْلَمْ أنَّ الْكَذب، وَإنْ كَانَ أصْلُهُ مُحرَّماً، فيَجُوزُ في بعْض الأحْوالِ بشرُوطٍ قد أوْضَحْتُهَا في كتاب: «الأذْكارِ» ومُخْتَصَرُ ذلك أنَّ الكلامَ وسيلةٌ إلى المقاصدِ ، فَكُلُّ مَقْصُودٍ محْمُودٍ يُمْكِن تحْصيلُهُ بغَيْر الْكَذِبِ يَحْرُمُ الْكذِبُ فيه، وإنْ لَمْ يُمكِنْ تحصيله إلاَّ بالكذبِ جاز الْكذِبُ. ثُمَّ إن كانَ تَحْصِيلُ ذلك المقْصُودِ مُباحاً كَانَ الْكَذِبُ مُباحاً ، وإنْ كانَ واجِباً ، كان الكَذِبُ واجِباً ، فإذا اخْتَفي مُسْلمٌ مِن ظالمٍ يريد قَتلَه ، أوْ أخْذَ مالِه ، وأخَفي مالَه ، وسُئِل إنسانٌ عنه ، وجب الكَذبُ بإخفائِه ، وكذا لو كانَ عِندهُ وديعة ، وأراد ظالِمٌ أخذَها، وجب الْكَذِبُ بإخفائها ، والأحْوطُ في هذا كُلِّه أنْ يُوَرِّي ، ومعْنَى التَّوْرِيةِ : أن يقْصِد بِعبارَتِه مَقْصُوداً صَحيحاً ليْسَ هو كاذِباً بالنِّسّبةِ إلَيْهِ ، وإنْ كانَ كاذِباً في ظاهِرِ اللًّفظِ ، وبِالنِّسْبةِ إلى ما يفهَمهُ المُخَاطَبُ ولَوْ تَركَ التَّوْرِيةَ وَأطْلَق عِبارةَ الكذِبِ ، فليْس بِحرَامٍ في هذا الحَالِ .
        واسْتَدلَّ الْعُلَماءُ بجَوازِ الكَذِب في هذا الحَال بحدِيث أمِّ كُلْثومٍ رضي اللَّه عنْهَا أنَّها سَمِعَتْ رسول اللَْه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « لَيْس الكَذَّابُ الَّذي يُصلحُ بيْنَ النَّاسِ ، فينمِي خَيْراً أو يقولُ خَيْراً » متفقٌ عليه .
        زاد مسلم في رواية : « قالت : أمُّ كُلْثُومٍ : ولَم أسْمعْهُ يُرْخِّصُ في شَيءٍ مِمَّا يقُولُ النَّاسُ إلاَّ في ثلاثٍ : تَعْني : الحَرْبَ ، والإصْلاحَ بيْن النَّاسِ ، وحديثَ الرَّجُلَ امْرَأَتَهُ ، وحديث المرْأَةِ زوْجَهَا .
262- باب الحثَّ على التثُّبت فيما يقوله ويحكيه
قال اللَّه تعالى :  { ولا تقف ما ليس لك به علم } .
وقال تعالى:  { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } .
1547- وعنْ أبي هُريْرة رضي اللَّه عنْهُ أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « كفي بالمَرءِ كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ ما سمعِ » رواه مسلم .
1548- وعن سمُرة رضي اللَّه عنْهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ حدَّث عنِّي بِحَدِيثٍ يرَى أنَّهُ كذِبٌ ، فَهُو أحدُ الكَاذِبين » رواه مسلم .
1549- وعنْ أسماءَ رضي اللَّه عنْها أن امْرأة قالَتْ : يا رَسُول اللَّه إنَّ لي ضرَّةَ فهل علَيَّ جناحٌ إنْ تَشبعْتُ من زوجي غيْرَ الذي يُعطِيني ؟ فقال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « المُتشبِّعُ بِما لـم يُعْطَ كَلابِس ثَوْبَي زُورٍ » متفقٌ عليه .
المُتشبِّعُ : هو الذي يُظهرُ الشَّبع وليس بشبعان ، ومعناها هُنا : أنَّهُ يُظهرُ أنه حَصلَ له فضِيلةٌ وليْستْ حاصِلة . « ولابِس ثَوْبي زورٍ » أي : ذِي زُورٍ ، وهو الذي يزَوِّرُ على النَّاس ، بأن يَتَزَيَّى بِزيِّ أهل الزُّهدِ أو العِلم أو الثرْوةِ ، ليغْترَّ بِهِ النَّاسُ وليْس هو بِتِلك الصِّفةِ ، وقيل غَيْرُ ذلك واللَّه أعلم .

263- باب بيان غلظ تحريم شهادة الزور

قال اللَّه تعالى:  { واجتنبوا قول الزور}.

قال اللَّه تعالى:  { ولا تقف ما ليس لك به علم }

وقال تعالى :  { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }

وقال تعالى:  { إن ربك لبالمرصاد }

وقال تعالى:  { والذين لا يشهدون الزور }

1550- وعن أبي بكْرةَ رضي اللَّه عَنْهُ قال : قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « ألا أُنبِّئكُم بأكبر الكَبائِر ؟ قُلنَا : بَلَى يا رسول اللَّهِ . قَالَ : « الإشراكُ باللَّه ، وعُقُوقُ الوالِديْنِ » وكان مُتَّكِئا فَجلَس ، فقال : « ألا وقَوْلُ الزُّورِ ، وشهادةُ الزورِ » فما زال يُكَرِّرُهَا حتى قلنا : لَيْتَهُ سكَت . متفق عليه .

264- باب تحريم لَعْن إنسان بعَينه أو دابة

1551- عن أبي زيْدٍ ثابتِ بنِ الضَّحاكِ الأنصاريِّ رضي اللَّه عنهُ ، وهو من أهْل بيْعةِ الرِّضوانِ قال : قَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « من حَلَف عَلى يمِينٍ بِملَّةٍ غيْرٍ الإسْلامِ كاذباً مُتَعَمِّداً، فهُو كما قَالَ ، ومنْ قَتَل نَفسهُ بشيءٍ ، عُذِّب بِهِ يوْم القِيامةِ ، وَليْس على رجُلٍ نَذْرٌ فِيما لا يَملِكهُ ، ولعنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ » متفقٌ عليه .
1552- وعنْ أبي هُريْرةَ رضي اللَّه عنهُ أنَّ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لا ينْبغِي لِصِدِّيقٍ أنْ يكُونَ لَعَّاناً » رواه مسلم .
1553- وعنْ أبي الدَّردَاءِ رضي اللَّه عَنْهُ قال : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يكُونُ اللَّعَّانُون شُفعَاءَ ، ولا شُهَدَاءَ يوْمَ القِيامَةِ » رواه مسلم .
1554- وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي اللَّه عنْهُ قالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تَلاعنُوا بلعنةِ اللَّه ، ولا بِغضبِهِ ، ولا بِالنَّارِ » رواه أبو داود ، والترمذي وقالا : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1555- وعن ابن مسعودٍ رضي اللَّه عنهُ قال : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لَيْس المؤمِنُ بِالطَّعَّانِ ، ولا اللَّعَّانِ ولا الفَاحِشِ ، ولا البذِيِّ » رواه الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ .
1556- وعنْ أبي الدَّرْداءِ رضي اللَّه عنهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : إنَّ العبْد إذا لَعنَ شَيْئاً ، صعِدتِ اللَّعْنةُ إلى السَّماء ، فتُغْلَقُ أبْوابُ السَّماءِ دُونَها ، ثُمَّ تَهبِطُ إلى الأرْضِ ، فتُغلَقُ أبوابُها دُونَها ، ثُّمَّ تَأخُذُ يميناً وشِمالا ، فإذا لمْ تَجِدْ مساغاً رجعت إلى الذي لُعِنَ ، فإنْ كان أهلاً لِذلك ، وإلاَّ رجعتْ إلى قائِلِها » رواه أبو داود .
 1557- وعنْ عِمْرَانَ بنِ الحُصيْنِ رضي اللَّه عنْهُما قال : بينَما رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في بعضِ أسْفَارِهِ ، وامرأَةٌ مِنَ الأنصارِ عَلى نَاقَةٍ ، فضجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا ، فَسمع ذلكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقالَ : « خُذوا ما عليها ودعُوها ، فإنَّها ملعُونَةٌُ » قالَ عِمرَانُ : فكَأَنِّي أرَاهَا الآنَ تمشي في النَّاسِ ما يعرِضُ لهَا أحدٌ . رواه مسلم .
1558- وعن أبي برّزَةَ نَضلَةَ بْنِ عُبيْدٍ الأسلمِيِّ رضي اللَّه عنْهُ قال : بينما جاريةٌ على ناقَةٍ علَيها بعضُ متَاع القَوْمِ ، إذْ بَصُرَتْ بالنبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وتَضايَقَ بهمُ الجَبلُ ، فقالتْ : حَلْ ، اللَّهُم العنْها فقال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تُصاحِبْنا نَاقَةٌ عليها لعْنةٌ » رواه مسلم .
 قوله : « حلْ » بفتح الحاءِ المُهملةِ ، وإسكان اللاَّم ، وهَي كلِمةٌ لزَجْرِ الإبلِ.
 واعْلَم أنًَّ هذا الحديث قد يُسْتَشْكلُ معْنَاهُ ، وَلا إشْكال فيه ، بل المُرادُ النَّهيُ أنْ تُصاحِبَهُمُ تِلك النَّاقَةُ ، وليس فيه نهيٌ عن بيْعِها وذَبْحِهَا وَرُكُوبِها في غَيْرِ صُحْبةِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بلْ كُلُّ ذلك وَما سوَاهُ منَ التَّصرُّفاتِ جائِزٌ لا منْع مِنْه ، إلاَّ مِنْ مُصاحبَتِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِها ، لأنَّ هذِهِ التَّصرُّفاتِ كُلِّهَا كانتْ جائزة فمُنع بْعضٌ مِنْها ، فبَقِي الباقِي على ما كَانَ . واللَّه أعْلَمُ.

265- باب جواز لَعْن بعض أصحاب المعاصي غير المُعَيّنِين
وَثَبت في الصَّحيحِ أن رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لعَنَ اللَّه الوَاصِلَةَ والمُسْتَوصِلةَ » وأنَّهُ قال: « لعَنَ اللَّه آكِلَ الرِّبا » وأنَّهُ لَعَنَ المُصَوِّرين ، وأنَّه قال : « لعنَ اللَّه مَنْ غَيَّر منارَ الأرْض » أيْ : حُدُودها ، وأنَّهُ قال : «لَعنَ اللَّه السَّارِقَ يَسرِقُ البيضَة » وأنهُ قال : «لَعنَ اللَّه مَنْ لعن والِديْهِ » « وَلَعَنَ اللَّه مَنْ ذبح لِغيْرِ اللَّه » وأنهُ قال : « منْ أحْدَثَ فِيها حدثاً أوْ آوى محدِثاً ، فَعليّهِ لَعْنَةُ اللَّهِ والملائِكَةِ والنَّاسِ أجْمعِينَ » وأنَّهُ قالَ : « اللَّهُمَّ العنْ رِعْلاً، وذَكوانَ وَعُصيَّةَ ، عصَوا اللَّه ورَسُولَهُ » وَهذِهِ ثلاثُ قبائِل مِنَ العَرَبِ وأنَّه قال : «لَعنَ اللَّه اليهودَ اتخَذُوا قُبورَ أنبيَائِهم مسَاجِدَ » وأنَّهُ « لَعن المُتشبهِينَ مِنَ الرِّجالِ بِالنِّساءِ ، والمتشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجالِ » .
وَجَميعُ هذِهِ الألفاظِ في الصحيحِ ، بعْضُهَا في صحيحي البخاري ومسلمٍ ، وبعْضُها في أحدِهِمَا ، وإنَّما قَصدْتُ الاختصَار بِالإشارةِ إليْهَا ، وسأذكرُ مُعظَمَهَا في أبوابها مِنْ هذا الكتاب ، إن شاءَ اللَّه تعالى .
266- باب تحريم سَبّ المسلم بغير حقّ
قال اللَّه تعالى:  { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً } .
1559- وعنِ ابنِ مَسعودٍ رضي اللَّه عَنهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « سِباب المُسْلِمِ فُسوقٌ ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ » متفقٌ عليه .
1560- وعنْ أبي ذرٍّ رضي اللَّه عنْهُ أنَّهُ سمِع رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « لا يَرمي رجُلٌ رَجُلاً بِالفِسْقِ أو الكُفْرِ ، إلاَّ ارتدت عليهِ ، إنْ لمْ يَكُن صاحِبُهُ كذلكَ » رواه البخاريُّ .
1561- وعنْ أبي هُرَيرةَ رضي اللَّه عنْهُ أنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  قالَ : « المُتَسابانِ مَا قَالا فَعَلى البَادِي مِنْهُما حتَّى يَعْتَدِي المظلُومُ » رواه مسلم .
1562- وعنهُ قالَ : أُتيَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِرجُلٍ قَدْ شَرِب قالَ : « اضربُوهُ » قال أبو هُرَيْرَة  : فَمِنَّا الضَّاربُ بِيدِهِ ، والضَّاربُ بِنعْلِه ، والضَّارِبُ بثوبهِ ، فلَمَّا انصَرفَ ، قال بعض القَوم : أخزاكَ اللَّه ، قال : « لا تقُولُوا هذا ، لا تُعِينُوا عليهِ الشَّيطَانَ » رواه البخاري .
1563- وعنْهُ قالَ : سمِعْتُ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ : « من قَذَف ممْلُوكَهُ بِالزِّنا يُقامُ عليهٍ الحَدُّ يومَ القِيامَةِ ، إلاَّ أنْ يَكُونَ كما قالَ » متفقٌ عليه .
267- باب تحريم سَبّ الأموات بغير حقِّ ومصلحة شرعية
هي التحذير من الإقتداء به في بدعته وفسقه ونحو ذلك فيه الآية والأحاديث السابقة في الباب قبله.
1564-­ وعن عائِشةَ رضي اللَّه عنها قالتْ : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تَسُبُّوا الأمواتَ، فَإنَّهُمْ قد أفْضَوْا إلى ما قَدَّموا » رواه البخاري .
268- باب النهي عن الإيذاء
قال اللَّه تعالى: { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً } .
 1565- وعنْ عبدِ اللَّه بنِ عَمرو بن العاص رضي اللَّه عنْهُمَا قالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « المُسْلِمُ منْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ ويدِهِ ، والمُهَاجِرُ منْ هَجَر ما نَهَى اللَّه عنْهُ » متفقٌ عليه .
 1566- وعنهُ قالَ : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ أحبَّ أن يُزَحْزحَ عن النَّارِ ، ويَدْخَل الجنَّةَ ، فلتَأتِهِ منِيَّتُهُ وهُوَ يُؤمِنُ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ ، وَلْيَأتِ إلى النَّاسِ الذي يُحِبُّ أنْ يُؤْتَي إليْهِ » رواه مسلم .
وهُو بعْضُ حَديثٍ طويلٍ سبقَ في باب طاعةِ وُلاةِ الأمُورِ .
269- باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر
قال اللَّه تعالى:  { إنما المؤمنون إخوة } .
وقال تعالى:  { أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } .
وقال تعالى:  { محمد رَسُول اللَّهِ، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } .
 1567- وعنْ أنسٍ رضي اللَّه عَنهُ أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لا تَباغَضُوا ، ولا تحاسدُوا، ولاَ تَدابَرُوا ، ولا تَقَاطعُوا ، وَكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخواناً ، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يهْجُرَ أخَاه فَوقَ ثلاثٍ »متفقٌ عليه .
1568- وعنْ  أبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « تُفْتَحُ أبْوابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الاثنَيْنِ ويَوْمَ الخَمِيس ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيئاً ، إلاَّ رجُلاً كانَت بيْنهُ وبَيْنَ أخيهِ شَحْناءُ فيقالُ : أنْظِرُوا هذيْنِ حتَّى يصطَلِحا ، أنْظِرُوا هذَيْنِ حتَّى يَصطَلِحا ، » رواه مسلم .
 وفي روايةٍ له : « تُعْرَضُ الأعْمالُ في كُلِّ يومِ خَميسٍ وَاثنَيْنِ » وذَكَر نحْوَهُ .
270- باب تحريم الحسد
هو تمني زوال نعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا
قال اللَّه تعالى:  { أم يحسدون الناس على ما آتاهم اللَّه من فضله } .
وفيه حديث أنس السابق في الباب قبله (انظر الحديث رقم 1564) .
 1569- وعَنْ أبي هُرَيرة رضي اللَّه عنْهُ أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم  قالَ : « إيَّاكُمْ والحسدَ ، فإنَّ الحسدَ يأكُلُ الحسناتِ كَما تَأْكُلُ النًارُ الحطبَ ، أوْ قال العُشْبَ »  رواه أبو داود  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Share to:

معجبين برنامج تحفيظ القران الكريم على الفايسبوك